جدل أدوية الستاتين وضعف الذاكرة... من هي الفئة الأكثر تأثراً؟

ثمة جدل مستمر في السنوات الأخيرة يرتبط بالأدوية المخفّضة للكوليسترول من نوع ستاتين وآثارها الجانبية على المتقدّمين بالسنّ، وحول ما إذا كانت ملائمة لهم، نظراً إلى أثرها المحتمل على الذاكرة.

فإذا كانت تساعد على خفض معدّلات الكوليسترول، وتحمي مستعمليها من خطر الإصابة بأمراض القلب، فثمة احتمال أيضاً في أن يكون لها أثر سلبي على قوّة الذاكرة لدى المسنّين، الذين قد يكونون أصلاً عرضة لهذا النوع من المشكلات، ما قد يزيد حالتهم الذهنية سوءاً بحسب باحثين.

ثمة آراء متضاربة بهذا الخصوص، خصوصاً أن بعض الأدلة تُشير إلى تحسّنٍ في نوعيّة حياة المرضى بعد وقف هذا النوع من العلاجات، فيما تؤكّد آراء أخرى أن هذه الأدوية تمنع القصور في الذاكرة، وتُساهم في تحفيز القدرات الإدراكيّة.

هذا ما كان سبباً لقيام الطبيب النفسي، والباحث اللبناني الاختصاصي في أمراض الذاكرة وطب العائلة، الدكتور وائل كرامة، بإجراء دراسة ضمن فريق البحوث الكندي في مستشفى سان مايكل في تورنتو حول العلاقة بين استخدام أدوية الستاتين وضعف الذاكرة وارتباط ذلك بالجندرة.

تابع فريق الباحثين مجموعة من 348 مريضاً تمّ تقسيمهم إلى مجموعات عدّة في عيادة اضطرابات الذاكرة في مستشفى سان مايكل في تورنتو، منها مجموعات تناولت أدوية أتورفاستاتين، وأخرى تناولت أدوية روسوفاستاتين، إضافة إلى مجموعة التحكّم التي تتمّ المقارنة بها.

واستناداً إلى فحص العقليّة المصغّر ومجموعة من المعايير المعتمدة في التقويم كتقويم علم الأعصاب السلوكي، وتقويم أنشطة الحياة اليومية، وتقويم الأنشطة الأكثر تعقيداً، التي تتطلّب المزيد من الإمكانيّات الذهنيّة، تمّت المقارنة بين المجموعة، إضافة إلى أنواع أخرى من التقويم، تمّ اعتمادها.

وبحسب الدكتور كرامة، توصل البحث إلى ظهور علاقة بين تناول الستاتين والجنس وتأثر القدرات الذهنيّة. فقد تبيّن أن المرأة تعتبر أكثر تأثراً بأدوية الستاتين لدى تناولها بالمقارنة مع الرجال، من حيث القدرة الذهنيّة، إذ ظهر لديها تراجع في قدرات معرفيّة عديدة بشكل عام.

ولدى المجموعات التي تناولت أدوية أتورفاستاتين، ظهرت درجات تأثر في الاتحاد الناشئ لمرضى الألزهايمر، وتأخر الاستدعاء والتعرّف، وفي مجال التعرّف التراكميّ بالمقارنة مع مجموعات أخرى.

كذلك ارتبط تناول دواء أتورفاستاتين، ودواء روسيوفاستاتين بتأثر أكبر لجهة تقلّبات المزاج، وفي فقدان السيطرة على النطق والتصرّفات غير اللائقة في التعبير.

وبالتالي، وفق ما تبيّن في الدراسة أن ثمة علاقة، ولو بسيطة بين تناول أدوية أتورفاستاتين وتراجع مستوى الذاكرة، وأن ثمّة علاقة بين الجنس والإدراك واستخدام الستاتين، ممّا يدعو إلى إجراء المزيد من الأبحاث في هذا المجال.

ووفق ما شدّد عليه كرامة فإن تناول هذه الأدوية يجب أن يترافق مع المراقبة الطبيّة والفحوص بانتظام، وتحديداً فحص الكبد وفحص أنزيم العضلات، ويجب عدم التهاون في ذلك منذ بداية تناولها ثمّ شهرياً؛ فإذا تبيّن أن هذه الأدوية تؤثر على عضلات من يتناولها فيجب وقفها مباشرةً.