خسرت جنينها قبل أن تخسرها عائلتها بكورونا... قصة كاترين الهاشم التي هزّت الرأي العام!
كانت تبني أحلامها وتنتظر جنينها الذي يكبر في أحشائها، تعيش أمومتها وسط وباء يعصف بالمجتمع دون استنثاء. لكن الفيروس وصل إليها، وشاء أن تلتقط العدوى لتبدأ معها حكاية أخرى ومأساة إنسانية تحمل عنوان "كاترين الهاشم". ما جرى مع كاترين نادر واستثنائي، 12 يوماً تصارع فيه الحياة بكل ما أوتيت من قوة قبل أن يستسلم جسدها وتتوقف أعضاؤها الواحد تلو الآخر وترحل.
صورتها في كل مكان، وجهها الجميل وابتسامتها التي انطفأت بالأمس. رحلت كاترين باكراً، إبنة الـ23 عاماً أغمضت عينيها بعد مضاعفات مع فيروس #كورونا. أحداث توالت تباعاً وانتهت بخاتمة حزينة وموجعة. أهو القدر، أهي إرادة الله، أهو الفيروس الغامض؟ لا أحد يعرف، كل ما نعرفه اليوم أن هذا الفيروس لا يرحم أحداً ويخطف منا أحباءً وأعزاءً، يخطف أباً وأماً وجدة وصديقاً وشقيقاً وزوجة... لا يُميّز أحداً، ويتركنا في حداد لا ينتهي.
بدأت القصة عندما التقطت كاترين الحامل الفيروس. يتحدث عمها عباس الهاشم لـ"النهار" قائلاً: "بدأت تعاني من أعراض الكورونا فتوجهنا بها إلى المستشفى. وفجأة عانت من نزيف حاد وأدخلت إلى غرفة العمليات لتضع مولودها التي خسرته بعد الولادة. هكذا بدأت تتدهور حالتها حيث توقف عمل الكلى، ومن ثم الرئتان، تسمم جسمها كله. كانت المعاناة كبيرة في المستشفى، المستشفيات تعيش حالة مأسوية في هذا الظرف الصعب. ما جرى موجع، والحكي ما بقى ينفع، راح الغالي ووجعنا كبير كتير، ما عم نستوعب يلي صار".
ومن عمها ننتقل إلى والد زوجها ومختار بلدة مجدل زون، حسن حمزي، الذي أصر على سرد ما جرى مع كاترين خلال الأيام 12 التي قضتها في المستشفى. لديه الكثير ليقوله، خسارته ووجعه يترجمهما في كل كلمة. برأيه، "بدأت تسوء حالتها حيث عانت من حرارة مرتفعة، لكن الطبيبة النسائية رفضت أن تلدها لأنها في الشهر السادس. وفجأة حدث ما لم يكن متوقعاً حيث عانت من نزيف حاد فاضطروا إلى إدخالها إلى غرفة العمليات حيث خسرت الجنين لتتدهور حالتها فيما بعد. قام الطاقم الطبي والمستشفى بكل ما عليهم فعله، ولم يستسلموا حتى النهاية لكن مستشفى الحريري يعاني نقصاً في الأدوية حيث نضطر إلى شرائها من الخارج، حتى الحقن لفحص السكري ليست متوافرة".
صرخته اليوم لدعم المستشفى الحكومي التي تعاني نقصاً في الأدوية، وفق حمزي: "زعماؤنا مشمخليين شي لحدا، آكلين البلد والمستشفيات الخاصة نصفها مسكر ما بتستقبل كورونا. لقد عشت المأساة بتفاصيلها. أسبوعان على باب المستشفى مع ابني وعائلتها، ما شاهدناه مخيف. مرضى على أبواب المستشفى لا يجدون سريراً، يستنجدون لإيجاد سرير واحد لهم والطواقم الطبية تبكي لعجزها عن إيجاد مكان لهم. لقد خسرتُ اليوم "كنتي" زوجة ابني، ولكن أرفع الصوت من أجل المرضى الآخرين لأننا نشهد على جريمة ترتكب بحق الإنسانية، أن ينازع شخص على باب المستشفى نتيجة عجم توفر سرير له".
ويصفها بالقول: "خسرناها، صغيرة كتير راحت وما قدرنا نعمل شي. تدمرت حياتنا ودمرت حياة عائلتها، نحن نعيش مأساة من والديها وزوجها وعائلتنا، الوضع صعب جداً. لقد خسرنا روحين الجنين وكاترين، ولا يوجد وصف يشرح ما نعانيه اليوم، وجعنا كبير كبير كتير".
ولكن كيف نشرح طبياً حالة كاترين ولماذا عانت من مضاعفات شديدة أودت بحياتها؟
يوضح رئيس دائرة الجراحة النسائية في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور ربيع شاهين لـ"النهار" أن "حالة كاترين كانت حلقة متواصلة من مضاعفات متتالية انتهت بخاتمة حزينة للأسف. في البداية عانت من نزيف نتيجة انفصال الخلاص عن الجنين، ما يعني أننا أمام حالة تسمم حملي أضف إليها عوارض كورونا شديدة وليست خفيفة. كان النزيف حاداً ومفاجئاً بسبب انفصال الخلاص ما اضطرنا إلى إدخالها فوراً إلى غرفة العمليات حيث نجحنا في إيقاف النزيف ولكننا خسرنا الجنين. إلا أن حالتها كانت تتدهور وتعاني من مضاعفات أخرى، فتوقف عمل الكلى، وتسمم كل أعضاء جسمها بالإضافة إلى اشتداد الفيروس عليها".
وأضاف: "إن المضاعفات بدأت تتوالى تباعاً حيث عانت من التهاب شديد في الرئة ومن ثم توقف عمل الرئتين ولم تفلح كل محاولاتنا في إنعاش الرئة أو الكلى. كما أنه بالعودة إلى تاريخها الصحي، تبيّن أنها عانت من نزيف في الحمل في السابق مرتين إلا ان إصابتها بكورونا زاد من صعوبة الحالة. كنا أمام حلقة متشابكة حيث تتداخل العوامل وأدت إلى تفاقم وضعها الصحي من نزيف إلى تسمم حمل ومضاعفات أخرى".
"صحيح أن حالتها نادرة إلا أننا نتوقع حدوثها طبياً ولا مهرب منها، إنها قصة حزينة وقاسية، ولقد حاولنا جاهدين إنقاذها إلا انها لم تستجب للأسف. بقيت 12 يوماً بعد توقف النزيف وتوليدها إلا ان الجنين كان صغيراً جداً ولم يصمد، في حين عانت كاترين من تسمم الحمل وكورونا والمضاعفات التي بدأت تتفاقم يوماً بعد يوم، وانتهت بمضاعفات شديدة نتيجة الكوفيد حيث توقفت الرئتان كلياً".
ويختم قائلاً: "نعرف أن الوجع كبير عند الأهل ونتعاطف معهم، الوضع في المستشفى جنوني، وبالرغم من كل محاولاتنا الطبية إلا أننا لم نتمكن من إنقاذها. الاصابات إلى ارتفاع وكذلك حالات والوفيات اليومية، إلا أن حالة كاترين كانت استثنائية وانتهت بطريقة مأسوية لم يكن أحد يريدها".