الدكتور روي نسناس خسر معركته مع السرطان بعد أن عالج آلاف الحالات "المستعصية "… شكراً لك

متفوقٌ منذ صغره، متألقٌ في مهنة الطب الذي دخل إليه بثقة وحماس، كان شغوفاً وحالة استثنائية وانسانياً إلى أبعد حدود. عندما نقول الدكتور روي نسناس يتبادر إلى أذهاننا وجهه الصريح بكل تفاصيله وصرخته التحذيرية في مواجهة كورونا... لقد كان من دون منازع حالة لا تتكرر.

دخل معترك الطب الداخلي والأمراض الإتنية وتخّرج منها متفوقاً، هو الذي عالج آلاف الحالات وشفى الكثير منها، غلبه سرطان البنكرياس، هذا الخبيث الذي توغل بصمت إلى جسده بينما كان يُحارب أمراضاً وفيروسات في أجساد مرضاه. غريبةٌ هذه الحياة وأقدارها، انتصر ببراعته وتفانيه على معالجة أمراض كثيرة وخسر معركته مع السرطان بعد صراع جبار معه.

لم يخف، لم يتوانَ عن عمله وبقي يدخل إلى غرف مرضاه ويعالجهم في عز #كورونا، لم يمنعه المرض من تأدية واجبه برغم كل التحديات والمخاطر.

كان الدكتور روي يحضر باكراً إلى المستشفى ولا يغادرها إلا ليلاً بعد أن يتأكد من ملفات مرضاه وفحوصاتهم الطبية. كان يحمل همومهم ويعمل ليلاً ونهاراً لإيجاد علاج لهم وشفائهم من أمراضهم الفيروسية والجرثومية. تميّز في أدائه الطبي وروحه الإنسانية. وبعد أن كان عنواناً للحالات المستعصية والصعبة تحوّل في جائحة #كورونا إلى مرجع طبي وقدوة في قراءته المستقبلية لهذه الجائحة التي أنهكت العالم.

ما كان يُميّز الدكتور روي نسناس صراحته المطلقة، كلماته الجريئة في توصيف الحالة برغم قساوتها وما قد تحدثه من خوف في نفوس المستمعين، لم يكن يوارب في حديثه، كان يقول كلمته ويمضي من دون مجاملة في مسألة التوعية في كورونا. هو الذي خرج في أحد المرات يقول"لا أحب التهويل وتخويف العالم، وأنا أشدد على المعنويات عند معالجة مرضاي لأنها حجرة الأساس في رحلة العلاج. ولكن بمسألة كورونا وبعد الحديث لأشهر حول الوقاية "الناس ما عم تفهم ولازم نخاف ولازم نحمي حالنا".

هو الذي عمل في الفيروسات لأكثر من 35 عاماً لم يكن ليتهاون مع فيروس كورونا، كانت تحذيراته من باب المعرفة وليس من باب التهويل، ولقد صدق في أمور كثيرة وفي مسارات الوباء وتحدياته.
 
 

بحزن كبير يؤكد المدير الطبي في مستشفى اللبناني- الجعيتاوي الدكتور بيار يارد خبر وفاته، يقول لـ"النهار" كان شخصاً استثنائياً بضميره المهني وتفانيه تجاه مرضاه من خلال إحاطته بكل جوانب التشخيص. كان يتعمق بملف مرضاه من دون أن يغفل تفصيلاً واحداً. كان الجميع يقصده من مختلف المناطق والدول، كان لديه المئات من المرضى يقصدونه طوال حياته المهنية التي بدأت منذ العام 1985".

يصفه يارد بأنه "حالة لا تتكرر، لقد خسرناه باكراً، وخسره الطب في لبنان وكل مرضاه، هو كان مقداماً في جائحة كورونا وكان يعرف مسبقاً ما كان ينتظرنا في لبنان. لم يتوانَ يوماً عن رسالته الطبية، بقي يستقبل المرضى من دون خوف أو تردد ويعالج المصابين بكورونا برغم مرضه. لم يوقفه شيء ولم يخف، بل على العكس كان سباقاً في كل ما يقوم به. لقد لعب دوراً فريداً من نوعه في معركتنا ضد كورونا من خلال توجيهاته وارشاداته وصراحته في قول الأمور كما هي في المجال الطبي".

يصعب على المستشفى كما الرهبنة استيعاب رحيل طبيبها المتألق، الذي أعطى الكثير وكان حالة فريدة من نوعها. ينعاه المستشفى كما راهبات العائلة المقدسة المارونيات، هو الذي شق طريقه من المدرسة إلى الجامعة قبل أن يتخصص في الطب الداخلي والأمراض الإتنية في فرنسا. ويتحدث يارد عن بداياته "بدأت رحلته الأكاديمية في مدرسة الفرير - الجميزة ومن ثم مدرسة الـ Mont la sale قبل أن يشق طريقه الجامعي حيث تخرج من كلية الطب في الجامعة اليسوعية في العام 1980.
 
كان رجلاً متميزاً ومتألقاً منذ صغره، كان متفوقاً في المدرسة كما في جامعته وكان دائماً الأول في صفه وجامعته. سافر إلى فرنسا للتخصص في الطب الداخلي والأمراض الإنتينية. وبعد تخرجه جاء إلى لبنان ليعطيه من قلبه ومعرفته الذي اكتسبها، واليوم خسره لبنان بعد مسيرة مهنية لأكثر من 37 عاماً".
 
 
https://www.youtube.com/watch?v=Kwz7wnEpQ6M

منذ بداية جائحة كورونا في العالم واكتشاف أولى الحالات المصابة في لبنان، كان رئيس قسم الطب الداخلي والأمراض الجرثومية في مستشفى "الجعيتاوي" في بيروت البروفسور روي نسناس،يخوض حربه مع فيروسات عديدة في عيادته قبل أن يكرس خبرته لتوعية الناس من مخاطر هذا الوباء. كان يقول "التخت ما بحكّم مريض، بدنا جهاز طبي غير مستزف ليعالجه، لم يعد هناك فسحة صغيرة لاستقبال مرضى كورونا و"الناس بعدا مفكرة إنو كورونا مزحة".

من طبيب متخصص في الأمراض الجرثومية والمستعصية إلى ضيف متألق في البرامج الحوارية ونشرات الأخبار للحديث عن كورونا والمسار الوبائي والتحديات وصرخته في مستقبل القطاع الطبي في لبنان. كان يُحذر من مخاطر عدم ايجاد أدوية لمعالجة المرضى، وها قد وصلنا اليوم إلى هذه المرحلة التي يعاني فيها المرضى من انقطاع الأدوية والإمكانيات المحدودة التي تعتمد عليها المستشفيات لمعالجة مرضاها.

وفي إحدى اطلالاته التلفزيونية، حذر الدكتور نسناس من الانهيار الصحي قائلاً "أصبحنا نعالج المرضى وكأننا في إحدى الدول الافريقية. لا إمكانيات ولا فحوص طبية نتيجة النقص الفاضح في المواد. وبعد أن كان لبنان منارة في الطب أصبح الخوف من هذا الانهيار السريع في ظل الإمكانيات المحدودة وانقطاع الأدوية وهجرة الأطباء."