الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

توفيت نبيلة ووالدها وحسام في العناية... مأساة عائلة اللقيس التي لم توّدع الأحبّة

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
الإبنة تلحق بوالدها بعد شهر على وفاته.
الإبنة تلحق بوالدها بعد شهر على وفاته.
A+ A-


لم تجفّ دموع أهالي بلدة بوداي بعد، منذ شهر دفنت مصطفى اللقيس، وبالأمس كان عليها أن تختبر مجدداً ألم الموت بعد وفاة المربية نبيلة اللقيس، في حين يُصارع شقيقها حسام الموت في العناية الفائقة. الصدمة كبيرة، خسائر متتالية والسبب واحد "كورونا". هذه العائلة التي تسلل إليها الفيروس خلسة، دفعت الثمن غالياً، علامات استفهام كبيرة، خصوصاً أن أعمار الأبناء متوسطة ولا يعانون من أمراض أو مشاكل صحية. هل الوفاة سببها جينات كما حصل مع إحدى العائلات في بخعون، أم الفيروس ما زال غامضاً وطريقة تفاعله بالجسم ما زالت غامضة؟

لم تكن نبيلة اللقيس قد تعافت من جرحها بعد فقدان والدها منذ شهر نتيجة إصابته بالفيروس، لتُصاب بدورها بالكورونا بعد التقاط العدوى من والدها. نبيلة إبنة الـ44 عاماً لم تعانِ من مشاكل صحية لكن الفيروس فعل فعله في جسمها لتُسلم الروح بالأمس. ليس سهلاً على العائلة الكبيرة أن تدفن اثنين من أحبائها، الكورونا لا يرحم واللائحة تطول بالضحايا من مختلف الأعمار.
يروي الوزير السابق حسن اللقيس، وهو شقيق المرحوم مصطفى، في اتصاله مع "النهار" أن "المستشفى قام بواجبه الطبي على أكمل وجه وخضع شقيقي وابنة شقيقي إلى كل البروتوكولات العلاجية المعروفة كالبلازما والـRemdesivir، ولكن شاء القدر أن يكون عمرهما قصيراً. لقد تفاقمت حالتهما وأدت إلى مضاعفات والوفاة. ونتيجة ذلك، اجتمعت لجنة طبية في المستشفى بالإضافة إلى اختصاصيين في الخارج لمتابعة حالة حسام ابن شقيقي (وهو شقيق نبيلة). وكان شقيقي (74 عاماً) قد أُدخل إلى المستشفى بعد تشخيصه بسرطان الدم، وهناك التقط عدوى الكورونا. في حين انتقلت العدوى إلى أولاده نتيجة زيارتهما لوالدهما حيث أصيبا أيضاً بالفيروس."
مضيفاً أن "نبيلة (44 عاماً) لا تعاني من مشاكل صحية وكذلك الأمر بالنسبة إلى شقيقها حسام (39 عاماً) المتواجد حالياً في غرفة العناية الفائقة، إلا أن حالته تشهد تحسناً. لذلك أدعو الناس إلى التعامل مع الفيروس بجدية أكبر، الكورونا غدار والاحتياط واجب. على الجميع ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي والتعقيم الدائم، واعتبار أي شخص على أنه مصاب بالفيروس حتى يحمي نفسه".
ويختم: "لم أستطع أن أودعهما بسبب الكورونا. الفيروس ليس مزحة وعلى الناس أن تعي خطورة الموضوع. ما جرى موجع وقاسٍ ومفاجئ.
 

في حين يشرح الإختصاصي في الأمراض الجرثومية في مستشفى بعلبك الحكومي الدكتور حسن أيوب لـ"النهار" أن "العدوى في بعض العائلات تكون أكثر شراسة وحدّية، وتكون الحالات متقدمة عند وصولها إلى المستشفى وبحاجة إلى الجهاز التنفسي. لذلك طبياً، يعتبر موضوع الجينات في العائلة من الاحتمالات التي نطرحها اليوم خصوصاً بعد معاينتنا وكشفنا على بعض الحالات التي تدهورت بعد إصابتها بالفيروس وتوفيت ضمن العائلة الواحدة وكانت حالتهم شديدة وشرسة".
إذاً، وفق أيوب، من الأمور الرئيسية التي تطرح اليوم هو الجينات، وفئة الدم، وعوامل أخرى التي قد تؤثر في مضاعفة الفيروس. والتشخيص الطبي للفحص السريري يشير إلى حالة شديدة من الإلتهاب الرئوي نتيجة الكوفيد_19 وحالتهما حرجة حيث استدعت الدخول إلى العناية الفائقة. لذلك من المهم طبياً أن ننظر إلى العوامل المرافقة مثل الضغط النفسي للشخص، الأمراض القلبية الوراثية، التاريخ الطبي للعائلة مثل MI (Myocardial Infarction) أو CDA (Congenital Dyserythropoietic Anemia) ... وأحياناً يُصاب الشخص بالكورونا وهو لم يخضع لأي فحص طبي وعند إصابته نكتشف بعض الأمور الصحية التي تظهر بعد الإصابة".
مشدداً على أن "الموضوع معقد وتتداخل فيه عوامل كثيرة وليس عامل صحي واحد. ونحن بحاجة إلى دراسات كبيرة لفهم كيفية تفاعل الفيروس في الجسم". وعن حالة حسام، أظهر "تحسناً ونتمنى أن يكون هذا التحسن مستمراً".
 

كذلك، نعت المديرية العامة للتعليم المهني والتقني المعلمة نبيلة اللقيس التي قضت نتيجة إصابتها بفيروس كورونا المستجد، وذلك في بيان جاء فيه:
"ها هو الجرح البليغ الثالث في جسد التعليم المهني والتقني برحيل المربية والمعلمة نبيلة اللقيس التي كانت شجرة مثمرة بالعطاء وغمامة علم وأمل وسلام، والتي باغتها الوباء وهي في مقتبل العمر، وفي ميادين العمل والتضحيات.
إنه ليعز علينا في مديرية التعليم المهني والتقني أن ننزف معلمينا وأساتذتنا أمام وباء حيّر العالم وغيّر معالم الحياة، وإن فقدنا للسيدة نبيلة اللقيس سبّب الألم لمسيرة التعليم وللزملاء وللطلاب وللوطن، ولكن حسبها أنها أفنت أيامها في ميادين العلم والمعرفة، ساعية وراء الرزق الحلال، متفانية في خدمة الجيل الصاعد وإثراء مستقبل الوطن. هذا ديدن أصحاب الرسالة وأرباب العطاء، يذوبون شموعاً في ليالي الأجيال التي تكافح الظلمة حتى يطلع فجر المستقبل الزاهر والباهر. ونحن في التعليم المهني والتقني سنحفظ هذه العطاءات، ساعين لتخليدها عبر تخريج طلاب يسعون لبناء وطن نحلم به عزيزاً كريماًً حاضنا لأبنائه".
ما يجري اليوم وما نسمعه من قصص حزينة أكبر دليل على أن الفيروس لا يرحم ولا يُميز بين كبير وصغير. اليوم عدّاد الوفيات يرتفع، أسئلة كثيرة لا نجد لها أجوبة والموت يلاحقنا كيفما ذهبنا. صرخة واحدة يُطلقها من تذوق كأس المرارة: "الكورونا يقتل، ارحموا أنفسكم ومن تحبون".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم