الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أكثر من 400 مليون دولار قيمة ديون شركات الأدوية المستوردة... أنين مرضى و"ترقيع" حكومي!

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
حلول "ترقيعية" في ملف الدواء (أرشيفية).
حلول "ترقيعية" في ملف الدواء (أرشيفية).
A+ A-
لا شيء يوقف هذا الانهيار الصحيّ الذي تتوالى فصوله يوماً بعد يوم. فالأزمة المالية عرّت هذا القطاع، وسلبته أسلحته الطبّية، وبتنا اليوم في مواجهة هذه الكارثة التي تكشف كلّ يوم عن صرخة جديدة من دون أن ينجح أحد في سدّ ثغراتها.
 
منذ 4 أسابيع، لم ينفّذ مصرف لبنان أيّ تحويلات ماليّة، وكارثة الانقطاع لامست الخطّ الأحمر في المستشفيات كما في الصيدليات، والبحث جارِ عن آليّة تضمن تأمين الأموال اللازمة لملف الدواء. فهل تنجح الحكومة في ذلك؟
 
يُصرّح نقيب مستوردي الأدوية لـ"النهار" بأن "أيّ تحويل ماليّ يعتبر خطوة إيجابية، وهو يساعد على تسديد الدّيون للخارج، خصوصاً أن الديون للشركات الخارجية تخطّت الـ400 مليون دولار، وهو مبلغ ضخم. لذلك نعيد المطالبة بإيجاد حلول سريعة، والبحث في رفع الميزانية المرصودة لدعم الأدوية، لأن المبلغ المرصود اليوم غير كافٍ لتلبية السوق".
 
بعد انقطاع الأدوية السرطانية وبعض الأدوية المزمنة، جاء دور أدوية البنج، فعلت صرخة المعنيّين مطالبةً بإيجاد حلّ سريع لهذه الكارثة الصحيّة، التي لم نشهد لها مثيلاً، ولتنتهي بالأمس بموافقة مجلس الوزراء على تحويل 13 مليوناً ونحو ثلاثمئة ألف دولار لاستيراد أدوية للأمراض السرطانية والمزمنة وموادّ أوليّة لزوم صناعة الدواء المحليّة، إلى جانب مستلزمات طبية ضرورية وحليب للأطفال. وبعد أن باشر مصرف لبنان بإجراء التحويلات المالية اللازمة، هل تكفي هذه التحويلات لسدّ النقص الفاضح أم أننا سنعود قريباً مُكرهين إلى الإشكالية نفسها؟
 
ندور في حلقة مفرغة، بين مصرف مركزيّ عاجز عن دعم القطاع الصحيّ كما يجب، وبين تقيّد المستوردين بالاعتمادات المشروطة والموافقة التي تطول أحياناً كثيرة، وبين المستشفيات التي تتأرجح بين الوكلاء والمواطنين، في حين يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف.
 
وبعد أن كانت المطالبة قائمة على رفع الميزانية المرصودة للأدوية المزمنة والمستعصية إلى 50 مليون دولار شهرياً، نقف اليوم أمام عقبة أخرى، ظهرت بعد طلب المركزيّ توقيع عقد الاستقراض من الحكومة، فيما هذه الأخيرة تبحث عن حلول لمعالجة الموضوع.
 
لا يُخفي رئيس لجنة الصحّة النيابيّة الدكتور عاصم عراجي في حديثه لـ"النهار" أن "ما نشهده اليوم من قرارات ليس سوى ترقيع في ظلّ غياب خطّة للتعافي والنهوض بهذا القطاع. والتحويل الذي قرّر بالأمس من خلال حقوق السّحب الخاصة مع صندوق النقد الدولي لدعم ملف الدواء والكهرباء هو لسدّ النقص، ولن يُشكّل حلاً دائماً. وبالتالي، غياب الخطّة الواضحة سيُبقي الأمور على حالها، لأنّ هذه القرارات ليست سوى ترقيع بترقيع، والأخطر أن نصل إلى مرحلة يعجز فيها المصرف المركزي عن مواصلة دعمه، فيكون القرار الأمرّ والأخطر هو رفع الدّعم كلياً".
 
ويُضيف عراجي أنّه "لم يكن هناك اعتراض، لأنّ الناس بحاجة إلى أدويتها، فليس هناك خيارات بل أمر واقع نجد أنفسنا أمامه؛ ولذلك تمّت الموافقة على سحب 13 مليوناً و300 ألف دولار لدعم الأدوية المستعصية والمزمنة وسدّ النقص الفاضح".
 
 
قد تشتدّ الأزمة والخناق، ويستغلّ البعض حاجات الناس للضغط أكثر، ونحن على مشارف انتخابات، من دون أن نصل إلى حلّ، بل سنبقى ندور في دوامة الانقطاع بسبب غياب الإصلاح وخطة التعافي.
 
من أدوية السرطان وأدوية المورفين المقطوعة إلى أدوية البنج، ربما وجد البعض في كلام بعض المسؤولين الصحيين مبالغةً، في الوقت الذي يبقى المؤكّد أن تحذيراتهم لم تكن مجرّد تهويل بل حقيقة سنصل إليها، وها قد وصلنا إلى الكارثة!
 
يُشدّد نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون في حديثه لـ"النهار" على أن "مخاوفنا وهواجسنا والتحذيرات، التي أطلقناها سابقاً ومراراً، لم تكن مجرّد تسجيل موقف، بل هي نتيجة معرفتنا بخطورة ما نحن مقبلون عليه في حال لم تعالج الأمور. والأزمات التي نشهدها في القطاع الصحيّ أكبر دليل على أننا نعاني كارثة حقيقية، إذ المستشفيات محتاجة إلى أدوية البنج العمومي والموضعي، بالإضافة إلى أدوية أساسية أخرى مثل أدوية السرطان والقلب والالتهابات وبطاريات القلب والأمراض المزمنة".
 
ويشرح: "هناك نحو 12 نوعاً من أدوية البنج التي تختلف استخداماتها. لكن المشكلة اليوم أنّ الوكلاء لم يُسلموا منذ أسبوع تقريباً أيّ كمّية جديدة للمستشفيات؛ وعليه لم يعد لدى بعض المستشفيات أدوية بنج، في حين يملك البعض الآخر كمية محدودة جداً. صحيح أن الأزمة بدأت منذ 4-5 أشهر، عندما كانت تصل الكميّة أقلّ بكثير من الكميّة الموصى عليها، إلا أنّها اشتدّت بعد أن تعذّر على الوكلاء تسليم كميات جديدة".
 
لماذا؟
لم نعد بحاجة إلى السؤال عن السبب، فكلّ ما يتعلق بالأدوية يعود إلى الإشكالية ذاتها التي تتلخّص بعدم فتح اعتمادات كافية لاستيراد الكميّة الكافية لحاجة السوق، وبالتالي الكمّية التي تُسلّم هي قليلة جداً. ما تواجهه المستشفيات اليوم مع أدوية البنج لا يختلف عن أزمة الأدوية الأخرى المدعومة، التي تُرتهن لقرار المركزي في البتّ بهذه الاعتمادات.
 
وبما أن الميزانية المرصودة لكلّ هذه الأدوية (35 مليون دولار لاستيراد أدوية مستعصية ومزمنة ومستلزمات طبية) غير كافية، وهي بحاجة إلى 50 مليون دولار شهرياً حتى تلبي حاجة السوق اللبناني، سيبقى انقطاع الأدوية أمراً واقعاً لا مفرّ منه، وسنبقى ندور في هذه الحلقة إلى ما لا نهاية ما دمت الفوضى تعمّ البلد!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم