السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

اللبناني يواجه أعباء فحوص كورونا بعد التعافي

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
العلم اللبناني على السياج الفاصل في محيط مجلس النواب (أ ف ب).
العلم اللبناني على السياج الفاصل في محيط مجلس النواب (أ ف ب).
A+ A-

فيما  يترقّب كل مريض كورونا لحظة صدور نتيجة "سلبي" لفحص PCR حتى يعود إلى حياته الطبيعية، لا تجري الأمور دائماً كما كان متوقعاً. النتيجة السلبية لا تعني دائماً التعافي التام من المرض وتداعياته. يبدو واضحاً اليوم أن للمرض مضاعفات عديدة طويلة المدى فيترك أثره خلال أشهر بعد الإصابة. من الطبيعي أن تترافق مع هذه المرحلة التي تلي الإصابة بالمرض والمعالجة منه فترة لا بد من الخضوع فيها إلى الإشراف الطبي الدقيق والفحوص الضرورية لأن من هذه المضاعفات ما ينعكس بشكل واضح على نمط الحياة، كما تشكل خطراً على حياة المريض أحياناً بسبب طبيعتها.

تضاف إلى المعاناة النفسية والجسدية للمريض جراء تداعيات المرض العبء المادي الذي يزيد من الأعباء الكثيرة على كاهل المواطن اللبناني. فقد تصل كلفة أحد فحوص الدم إلى مليون ليرة إلى جانب المعالجة الضرورية لتخطي هذه المرحلة، فيما لا تتوافر لها التغطية من الجهات الضامنة في كثير من الأحيان. فهل على المريض تحمّل هذا العبء وحده، فيضاف إلى معاناته اليومية في ظل وضع اقتصادي متردٍ؟

 

ما تداعيات المرض التي يمكن أن تستمر بعد الإصابة بكورونا؟

انتهاء فترة المرض الأولى وصدور نتيجة سلبية لفحص كورونا لا يعني حكماً التعافي التام، وفق ما يوضحه رئيس قسم أمراض الرئة والإنعاش الطبي في مستشفى "أوتيل دي دو فرانس" ورئيس وحدة إعادة  التأهيل الرئوي في مركز إعادة تاهيل القلب والرئة في مركز ليتيسيا حاتم في المستشفى البروفسور موسى رياشي. فيعاني المريض من تداعيات عديدة تؤثر على حياته وتعيق عملية العودة إلى الحياة الطبيعية، كما أنه منها ما قد يشكل خطورة على حياته ما يستدعي حكماً خضوعه إلى الإشراف الطبي والعلاج. من أكثر التداعيات شيوعاً الخمول والتعب، وفي هذه الحالة لا تعتبر الفحوص ضرورية، بل يتم اللجوء إلى إعادة التأهيل والرياضة. هذا فيما يأتي بعده ضيق النفس الذي يمكن أن ينتج من تعب، كما يمكن أن ينتج من التهاب الرئة أو تعب في القلب. هذه الآثار موجودة في نسبة 15 في المئة من الحالات.

يوضح رياشي أنه ما من داعٍ لإجراء الفحوص عشوائياً، كما أصبح شائعاً. فبالدرجة الأولى لا يجري الكل الفحوص لأن المرض قد لا يترك أي أثر. وإذا لم تكن هناك مشكلة ما بعد المرض، ليس ضرورياً تحمّل تكاليف إضافية غير مجدية. وبالتالي ليس إلا على نسبة 15 في المئة من المرضى الذي يعانون من الآثار الطويلة المدى للمرض أن يجروا فحوصاً يحددها الطبيب.

 

هل يعتبر إجراء فحص الأجسام الضدية ضرورياً؟

يبدو فحص الأجسام الضدية لتحديد المناعة جراء الإصابة بكورونا من الفحوص الرائجة في لبنان حالياً، بحسب رياشي، فيما ليس له أي جدوى أو دواعٍ. وهو يعتبره تبذيراً للمال، فقراءة هذا الفحص لا تشكل أهمية. فالأهم أن الشخص قد اكتسب مناعة جراء إصابته ولا يهم عدد الأجسام الضدية. فلا يجرى الفحص إلا لمن ثمة شكوك في تشخيصه ويعاني أعراضاً معينة قد ترتبط بكورونا كضيق النفس، ولم يعرف سابقاً انه اصيب بالمرض لأنه لم تظهر لديه اعراض في فترة المرض.

هذا ويدعو رياشي إلى التنبه إلى الفحوص التي تجرى، فالكثير منها غير ضروري ويجب عدم القيام إلا بتلك التي يصفها الطبيب عند الضرورة لأن ذلك يعتبر تبذيراً للمال.

 

ما الفحوص الضرورية التي تجرى؟

بالدرجة الاولى، لا بد من التوضيح ان الفحوص لا تجرى بمجرد انتهاء فترة المرض بل بعد 6 أو 8 أسابيع من بداية المرض. علماً ان الفحص الخاص بضيق التنفس قد يكون من الفحوص الاساسية التي يطلبها الطبيب، لانه على اساسها يصف العلاجات المناسبة. فقد تكون ثمّة حاجة إلى أدوية للالتهابات ولإعادة التأهيل. كما يمكن ان يكون هناك نشاف في الرئتين وثمة أدوية معينة توصف، وإن لم تأت الموافقة عليها بعد كأدوية خاصة لمعالجة كورونا، لكن من المتوقع أن تصدر الموافقة في الشهر الحالي بعد الانتهاء من الدراسات. كما قد تكون هناك حاجة أيضاً إلى متابعة العلاج بالكورتيزون بإشراف طبي.

ومن الفحوص المهمة لمن لا يزالون يعتمدون على الأوكسيجين بعد فترة من المرض، تخطيط النفس الذي يشدد رياشي على أهميته بدلاً من السكانر وتعريض المريض للاشعة. فالتخطيط يعتبر فاعلاً بعد 6 أو 8 أسابيع من انتهاء المرض، واستمرار الحاجة إلى الأوكسيجين. ومن الفحوص المهمة أيضاً للتمييز بين ضيق النفس والتعب والذي يحدد معدل التعب بعد المشي لوقت معين، الـ6 minutes walking test وهو غير مكلف والذي يستند إلى معيار محدّد لمعدل الجهد الذي يمكن أن يقوم به شخص في مثل سن الشخص الذي يقوم بالفحص مقارنة بما يمكنه القيام به فعلاً. فيعتبر من الفحوص الأساسية وغير المكلفة التي يمكن أن يعتمد عليها الطبيب بدلاً من اللجوء إلى فحوص عشوائية مكلفة وغير مجدية.

من جهة أخرى، ثمة فحوص للقلب قد تكون هناك حاجة لإجرائها لأن ضيق النفس يمكن أن يرتبط أيضاً بمشكلة في القلب، كما يمكن ان يرتبط بمشكلة في الرئتين. فإذا ترافق ضيق النفس مع تسارع في دقات القلب عند القيام بأي مجهود، ثمة حاجة إلى إعادة تأهيل القلب، كما يوضح رياشي. كما يتم اللجوء عندها إلى أدوية لإبطاء سرعة دقات القلب حتى ينتظم.

مع الإشارة إلى أن فحوص الدم ليست ضرورية ابداً للكل، بل تقتصر الحاجة إلى اللجوء إليها لمن هم أكثر عرضة للإصابة بالجلطات وقد خضعوا إلى علاجات بمسيّلات الدم. فقبل وقف المسيّلات قد تكون هناك حاجة إلى إجراء الفحوص للتأكد ما إذا كان هناك من داعٍ لتمديد فترة العلاج خوفاً من الجلطات. مع الإشارة إلى ان وصف مسيلات الدم عشوائياً أيضاً من الأخطاء الفادحة التي يمكن الوقوع فيها. علماً أنها لا توصف من الطبيب إلا بدءاً من الاسبوع الثاني وعندها لا يكون الحل بالأسبرين لأنها لا تكون مجدية، بل هناك حاجة إلى الأدوية الأكثر فاعلية وبإشراف طبي حصراً لمدة 3 أو 4 اسابيع.

في ما عدا ذلك لا فائدة من إجراء أي فحوص أخرى. هذا ويشير رياشي إلى أن التعب يعتبر من أولى تداعيات كورونا الطويلة المدى بنسبة 60 في المئة من المصابين. أما ضيق النفس فيحصل بنسبة 23 في المئة من الحالات. وبمعدلات أقل يمكن مواجهة مشاكل أخرى كآلام الرأس والإسهال وتساقط الشعر والاكتئاب.

هل تعتبر الفحوص مغطاة من الجهات الضامنة؟

تشير نقيبة المختبرات الدكتورة ميرنا جرمانوس بالدرجة الأولى إلى العشوائية التي يُلجأ فيها إلى الفحوص بعد التعافي من كورونا. فثمة متاجرة واضحة في هذا المجال وقلة وعي أيضاً من الناس لاتجاههم إلى فحوص لا ضرورة لها. فوحده الطبيب يحدد الفحص الذي ثمة حاجة إليه بعد فترة محددة من المرض.

ومن الفحوص غير الضرورية التي تجرى عشوائياً فحص الاجسام الضدية فهو ليس ضرورياً أبداً لا بعد الإصابة بالمرض ولا حتى بعد إجراء اللقاح، فهذا عبء إضافي على الناس وأيضاً على الدولة، ولا تعتمده أي دولة كما يحصل في لبنان. فالمناعة تكون مكتسبة حكماً بعد الإصابة أو بعد اللقاح ولا داعي لأكثر من ذلك أو لمعرفة عدد الأجسام المضادة والتي تحوّلت إلى صيحة غير مبررة في لبنان.

كذلك بالنسبة إلى فحص PCR بعد اسبوعين من المرض وللمرة الثانية، فهو ليس ضرورياً بعد أسبوعين من الحجر وبعد أيام من عدم ظهور أعراض للمرض. ولا تخفي جرمانوس وجود متاجرة في هذه الأمور على كافة الاصعدة وفي مختلف الجهات. أما بالنسبة إلى التغطية، فتشير إلى أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يغطي هذه الفحوص، لكن يُفترض بشركات التامين أن تغطيها. هذا وتوضح جرمانوس أن الوزارة كانت قد حددت أسعار الفحوص في المختبرات، منها فحص الاجسام الضدية IGG بسعر 70 ألف ليرة لبنانية . يضاف إلى ذلك فحص الـD-Dimers الذي يراوح سعره بين 50 ألفاً و100 ألف ليرة لبنانية.

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم