الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الفحص المبكر لمكافحة سرطان الثدي ضرورة... صرخة للدولة لتوفير مراكز الفحص المجانية

المصدر: "النهار"
رنا حيدر
رنا حيدر
تعبيريّة. (أ ف ب)
تعبيريّة. (أ ف ب)
A+ A-
ستذكر رولا الأيام، التي نظرت فيها إلى عيون أولادها البريئة وهي تلمع مع ضحكاتهم المتواصلة، حينما احتوى قلبُها سرّاً عميقاً احتفظت به، ودفتنه في داخلها لكي لا تحطّم تلك الضحكات. لكنّها بعد سنوات من تلك الحادثة، ستسألها ابنتها "لماذا خضتِ هذه المعركة الصّعبة من دون مساعدة؟"، وستكون إجابتها: "لأنني صورة القوّة، ولن أسمح لمرض تافهٍ أن يحطّمني، فأنا امرأة وأمّ أناضل من أجل أطفالي". 

قصّةُ رولا هي قصّة آلاف النساء المناضلات اللواتي طعنهنّ مرض خبيث يُسمّى سرطان الثدي، الذي صنّف الورم الأكثر شيوعاً في العام 2020، حين بلغ عدد المصابات به 2.2 مليون حالة، بحسب منظمة الصحّة العالميّة، بمعدّل امرأة واحدة من بين كلّ 12 امرأة.

هذا النوع من الأورام لا يؤدّي تلقائياً إلى الموت، إذا ما تمّ الفحص المبكر؛ لذا تكثر الإرشادات والنصائح ونشاطات التوعية بجهود المنظّمات والمؤسّسات الصحيّة المختصّة بهدف ضمان حصول المرأة، بشكل منتظم، على فحص مبكر؛ فالفحص المبكر يمكن أن يمنع تطوّر المرض وانتشاره، ويفسح المجال أمام جهود المعالجة منذ البدايات.

من هنا، نستعرض أهميّة الكشف المبكر بوساطة الصورة الشعاعيّة، التي تضمن استباقاً لتفشّي المرض، ونضيء على تكلفتها اليوم في ظلّ ارتفاع الدولار، ووسط الأزمة الاقتصاديّة. ولن ننسى الإشارة إلى المؤسّسات التي تُتيح إجراء الصورة بشكل مجّانيّ.

يؤكّد رئيس قسم الأمراض والأورام في مستشفى "أوتيل ديو" البروفيسور فادي نصر لـ"النهار" أنّ الصورة الشعاعيّة هي من أهمّ المراحل لرصد كتلة أو ورم قد يتضاعف حجمه كلّ سنة. ويقول في هذا السياق: "يكبر حجم الكتلة سنتيمتراً واحداً كلّ ثلاث سنوات، ممّا يصعّب عمليّة الرّصد؛ لذا يجب دورياً التأكّد من عدم وجود أيّ أمر شائب في عمليّة التصوير، فالرصد والكشف المبكر يسمح بتمييز الخطوة المقبلة؛ فإذا كانت المريضة بحاجة إلى زرعٍ نُجريه لاكتشاف مرحلة تفشّي المرض في الثدي".

وأضاف: "في أغلب الأحيان، يطال سرطان الثدي النساء اللواتي تخطّين الأربعين من العمر. لكن ذلك لا يعني أنّ الشابات مستثنيات من الإصابة، خصوصاً أنّ العامل الوراثيّ لديه دور بنسبة 5 في المئة لنقل المرض".

تمتنع العديدات أحياناً عن إجراء الفحص المبكر بسبب الضائقة المادية، وتكلفة الصورة الشعاعيّة، التي تصل إلى نحو 200 دولار في بعض المراكز الصحيّة والمستشفيات.

تشرح الاختصاصية في المعدات الطبيّة يارا شمص لـ"النهار" بأنّه في بعض الأحيان لا تكون الصورة الشعاعية كافية من أجل رصد ورم في الثدي، لأنّ العملية تختلف من ثدي امرأة إلى أخرى، وبالتالي من الممكن أن تحتاج المرأة لـEcographie، لأنّ الكتلة لا تكون قد ظهرت بوضوح في الـMammographie، مضيفةً بأنّ "من واجب الطبيب أنّ يزوّد المريضة بالمعلومات اللازمة، إلا أن القوانين في لبنان لا تُجبر الأطباء على القيام بهذه الخطوة؛ وذلك يضع حياة الآلاف من النساء المصابات على المحك".

منذ سنتين، توقّفت وزارة الصحة بسبب جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية عن إطلاق حملات توعوية لتخفيض تكلفة الصورة الشعاعية، ولتشجيع النساء على الكشف المبكر عن سرطان الثدي، فعملت الجمعيات على تأمين التمويل من مصادر مختلفة، وأكملت عمل الوزارة كجمعيّة Red In Circle، التي تسعى إلى تأمين الفحص المبكر لنساء المناطق الجبليّة. تمكّنت هذه الجمعيّة من إجراء صور شعاعية لأكثر من 700 امرأة العام الماضي، وتتحضر هذه السنة لإجراء حملة فحوصات بالتعاون مع بلديّة ريفون في 17 كانون الأوّل المقبل في إطار حملتها للكشف المبكر.

ومن الحملات أيضاً الحملة السنوية للوقاية من سرطان الثدي في مستشفى سيدة مارتين في جبيل.



"قدّ منك قويّة قتلت المرض"
تروي رولا اليوم لـ"النهار" رحلتها مع هذا المرض الخبيث فتقول: "اكتشفت أنّ لديّ المرض بعد إجراء صورة شعاعيّة، لكنّني لم أخبر أفراد عائلتي. كنت قويّة، وكان هدفي أن أستأصله من دون تخويف أحد؛ لذا لم أفكّر في صحّتي النفسيّة، ولا في شكلي الخارجيّ، وخضعت لعلاج كيميائي. كنت أفكّر في أولادي وعائلتي. كان قراراً صعباً، ورحلة أصعب، لكنّني لم أتردّد، ولم أرد أن يَراني أولادي ضعيفة. هذا الفيروس موجود عند الجميع، لكن أقول لكل امرأة كوني قويّة، ولا تتوتّري". وتضيف: "الكشف المبكر مهّم، فمن دونه يكون الأوان قد فات".
 
شهادة حياة رولا قد تعكس قوّة وإرادة لدى القليلات ممّن يُصبن بهذا المرض، لكنه في المقابل يبقى الأهم توفير المراكز الصحيّة المجانيّة من قبل وزارة الصحة تحديداً لإتاحة المجال للكثيرات من المصابات، اللواتي يعانين من وضع اقتصاديّ صعب، للخضوع للفحص المبكر لتفادي أيّ مضاعفات على الصحة العامة مستقبلاً.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم