أطباء عبر "النهار": على الدولة تأمين لقاحات أخرى إضافة إلى "فايزر" لمواجهة الوباء
يترقب لبنان وصول شحنة الجرعات الأولى من لقاح كورونا من شركة "فايزر" في الشهر المقبل، في الوقت نفسه يسجّل عداد كورونا ارتفاعاً مرعباً في معدّل الإصابات، خصوصاً بعد فترة الأعياد وما شهدناه من تهاون خلالها.
يومياً تسجّل آلاف الإصابات مع ارتفاع في عدد الوفيات، فيما أعلنت مختلف المستشفيات عن امتلاء أقسام كورونا لديها وعن عدم وجود أسرّة شاغرة.
استنفد القطاع الطبي طاقاته فيما تُعلّق الآمال على اللقاح المرتقب الذي لن يتمكن في الواقع إلا من تغطية فئة معينة من المواطنين وفق الأولويات المحددة. فمن المتوقع أن تغطي حملة التلقيح الأولى نسبة 15 في المئة تقريباً من المواطنين، وتبقى النسبة الباقية في عين العاصفة، هذا وعمدت الدول المجاورة كافة إلى إحضار لقاحات مختلفة من شركات أخرى بهدف تأمين النسبة الأعلى من المناعة بين مواطنيها. فما الرأي الطبي حول استقدام الدولة اللبنانية لقاحات أخرى بالتوازي مع لقاح "فايزر" الذي أثبت فاعلية أعلى بهدف حماية أكبر نسبة من اللبنانيين؟
الدكتور كرم كرم لـ"النهار": "ما يحصل الآن يعدّ الجريمة الثانية الكبرى بعد جريمة 4 آب"
يعبّر الدكتور كرم كرم عن غضب تجاه ما يحصل من استهتار من قبل الدولة بحق الشعب اللبناني، واصفاً ما يحصل اليوم مع أزمة كورونا بالجريمة الثانية الكبرى بعد جريمة 4 آب. فالارتفاع المرعب في عدد الإصابات وزيادة معدل الوفيات يتخطى، على حد قوله، بالنظر إلى عدد السكان، المعدل في الولايات المتحدة الأميركية التي تحتل المرتبة الاولى بين الدول لجهة انتشار الوباء. فيتساءل حول ما يفعله المسؤولون اليوم وهم يقفون مكتوفي الأيدي فيما يموت مواطنون على أبواب المستشفيات. انطلاقاً من ذلك يدعو إلى إحضار لقاحات من شركات عدة في الوقت نفسه بهدف مواجهة الكارثة والحد من تدهور الوضع، أسوة بالدول المجاورة التي بدأت حملات تلقيح واسعة لمواجهة الوباء باللقاح الصيني أو لقاح "فايزر" أو الروسي أو غيرها من اللقاحات. صحيح أن لقاح "فايزر" سيصل إلى لبنان في شهر شباط المقبل، لكن هذه المهلة تبدو بعيدة بالنظر إلى الوضع الكارثي الحاصل، هذا إذا ما جرت الأمور بشكل طبيعي وصدقت التصريحات بقدومه، بحسب كرم. في المقابل، يؤكد أن لقاح "فايزر" يبدو فعلاً من اللقاحات التي أثبتت الفاعلية الكبرى، خصوصاً على فئة المسنين وعلى السلالات المتحوّرة، لكن ظروف حفظه الصعبة تثير تساؤلات حول ما إذا كان لبنان قادراً على التقيد بها حفاظاً على فاعلية اللقاح. لذلك يشدّد على أهمية تأمين باقي اللقاحات للحدّ من حجم الكارثة لأن لبنان متأخر جداً في تأمين اللقاح. أما بشأن قانون رفع المسؤولية عن الشركة المنتجة للقاح، فيؤكد كرم على ضرورة أن تتحمل الدولة المسؤولية دون تردد في مثل هذا الظرف الطارئ، كما حصل في باقي الدول.
الدكتور شرف أبو شرف لـ"النهار": "هذا ما طالبنا به بشروط..."
يؤكد نقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف أن النقابة طالبت من البداية بإحضار لقاحات أخرى بالتوازي مع لقاح "فايزر"، وأكّد وزير الصحة أنه لا يمانع ذلك، لكن يبقى الشرط الأساسي أن يتم ذلك بالطرق القانونية والعلمية وبإشراف الوزارة. في كل الحالات، يشدد أبو شرف على آلية محددة لتوزيع اللقاحات أياً كانت، من خلال الأطباء لتجنب الفوضى في التوزيع، مع ضرورة الحفاظ على الأولويات. فالطاقم الطبي من الفئات التي وضعت ضمن الأولويات لأنه في مواجهة الخطر. كذلك بالنسبة لمختلف الفئات التي هي على اتصال مباشر مع الناس ومن هم أكثر عرضة لمضاعفات المرض والمسنين وذلك بهدف مواجهة الوباء بشكل أفضل.
الدكتور جورج غانم لـ"النهار": "تأمين لقاحات أخرى مسألة معقدة ولكن..."
بحسب المدير الطبي في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية - مستشفى رزق، الدكتور جورج غانم، تبدو عملية استقدام لقاحات عدة معقدة إلى حد ما، لكن كان من واجب الدولة أن تشرح للمواطنين كافة التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع حتى تتضح الأمور بالنسبة لهم. فنظراً للسرعة التي تم فيها إعطاء الموافقة على اللقاحات بسبب ظروف انتشار الوباء، لم تشأ الشركات المنتجة تحمّل المسؤولية في حملات التلقيح بحيث على كل دولة أن تتحمل المسؤولية. لكن، يبدو واضحاً له أنّ ثمة تأخيراً في البحث في هذا التفصيل ولحصول التوقيع، فيما لا يحتمل الوضع المزيد من التأخير.
أما حول تأمين لقاحات من شركات أخرى، فيشير غانم إلى أن المسألة ليست سهلة. فالبنسبة إلى لقاح مودرنا من الصعب تأمينه لأن الشركة المنتجة وقّعت اتفاقاً مع الدولة لتصنع اللقاح بشكل يؤمّن حاجات المواطنين على الأراضي الأميركية حصراً في المرحلة الأولى. وإن كانت دول أوروبية قد تقدمت بطلب للحصول على اللقاح فلن تحصل عليه في المرحلة الأولى.
بالنسبة إلى لقاح أسترازينيكا، ثمة مفاوضات بين جامعات ومؤسسات خاصة من لبنان مع الشركة لكن ذلك قد يستغرق حوالى شهرين. هذا ويبدو لقاح سانوفي متأخراً حتى يصبح متوافراً.
في المقابل، يشير غانم إلى اللقاحين الروسي والصيني اللذين لم توافق عليهما منظمة الصحة العالمية ولا إدارة الأغذية والدواء. إلا أن دولة الإمارات مثلاً استخدمت اللقاح الصيني وقامت بحملات تلقيح على أراضيها. لكن بحسب غانم لا يمكن أن تُحضر الدولة هذا اللقاح فيما يمكن لمؤسسات خاصة أن تحضره شرط أن يكون ذلك بإشراف الدولة وضمن خطة وطنية شاملة لأن مسألة التلقيح لا يمكن أن تمر بغير ذلك لدواعٍ عديدة. وأياً كان اللقاح الذي يمكن أن يؤمَّن، وحتى إذا كانت الدولة تحضره، يشدد غانم على أهمية دعم المؤسسات الخاصة بإشراف الدولة تجنباً للفوضى والعشوائية في التوزيع.
الدكتور بيار أبي حنا لـ"النهار": "ما يقلقنا أولاً هو آلية التوزيع وفق خطة واضحة"
يوضح الطبيب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية في مستشفى الحريري الحكومي الدكتور بيار أبي حنا أن لقاح "فايزر" هو فعلاً الأكثر فاعلية وهو ممتاز. لكن الهدف هو تأمين اللقاح للعدد الأكبر من الناس شرط أن يكون اللقاح الذي يتم تأمينه فاعلاً وآمناً. كما أنّ ثمة مسائل لوجيستية معقدة لا بد من أخذها بعين الاعتبار ولا يمكن التهاون فيها. ويشير أبي حنا إلى أنه يجب على نسبة 50 في المئة من المواطنين على الأقل أن تحصل على اللقاح لمواجهة الوباء بفاعلية. إلا أن المسألة تحتاج إلى خطة شاملة وتنظيم للأمور ولا تقتصر على إحضار عدد أكبر من اللقاحات. وحتى بالنسبة للقاح "فايزر" لم تتضح بعض الأمور حول الخطة الموضوعة للتوزيع، خصوصاً أن شروط الحفظ صعبة ويجب التقيد بها تماماً. فبحسب قوله، هذه الأمور لا يمكن أن تُحصر بشخص واحد ولا بد من توزيع المهام لمزيد من الفاعلية والتنظيم.
الدكتور جيرار واكيم لـ"النهار": "الأفضل البحث عن سبل إحضار لقاحات أخرى"
بدوره، لا يعتبر رئيس قسم طب الاطفال في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الاميركية - مستشفى رزق، الدكتور جيرار واكيم، أن تأمين لقاح "فايزر" بعدد جرعات محددة، ولو كان الأكثر فاعلية، كافياً لمواجهة الوباء. فوقفُ الوباء لا يمكن ان يتم بهذه الطريقة أبداً، من هنا أهمية البحث عن سبل أخرى لتأمين لقاحات من شركات مختلفة في الوقت نفسه كاللقاح الصيني. صحيح أن اللقاح الصيني هو أقل فاعلية مقارنة بلقاح "فايزر" وتراوح فاعليته بين 85 و90 في المئة لكنه أجري لأعداد كبيرة من الناس وقد اعتمدته الإمارات دون مشكلة ويمكن للبنان أن يفعل المثل لمواجهة الوباء بفاعلية كبرى.