الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

صدفةٌ أم آثار جانبية مقلقة: لقاح أسترازينكا يثير القلق... فما هي مسبّبات تجلّط الدم؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
هل ما جرى هو محض صدفة؟
هل ما جرى هو محض صدفة؟
A+ A-
بعد خبر تعليق 4 دول هي الدنمارك، النرويج، إيسلندا وإيطاليا، الموقّت، لاستخدام لقاح أسترازينكا إثر تسجيل تجلطات في الدم بعد التطعيم، بادرت جهات صحية أخرى، وآخرها منظمة الصحة العالمية، إلى تطمين السكان والتأكيد على عدم وجود أي سبب يستدعي توقيف استخدام لقاح أسترازينكا. برأي الجهات العلمية والصحية أن فوائد اللقاح ما زالت تفوق مخاطره، في حين يتريث البعض الآخر إلى حين صدور النتائج النهائية للتحقيقات حول هذه الآثار الجانبية كي يُبنى على الشيء مقتضاه.
لا يمكن استباق النتائج العلمية، كما لا يمكن تغاضي النظر عن الحالات التي تُسجل وإن كانت ضمن النادرة والقليلة جداً. معركتنا مع الوباء توزاي بأهميتها معركة ما بعد التطعيم، نحن في حرب تجارية أيضاً وبعض الشائعات أو الأخبار المبالغة ليست وليدة الصدفة وإنما حرب تنافسية لكسب المبالغ الاقتصادية الناتجة عن اللقاحات.
بمعزل عما جرى مع لقاح أسترازينكا وفي انتظار انتهاء التحقيقات، أظهرت النتائج الأولية عدم وجود رابط مؤكد بين اللقاح وجلطات الدم، مؤكدة أن "اللقاح آمن وفعّال وقد سُجل 30 حالة للانسداد التجلطي من أصل 5 ملايين شخص تلقوا اللقاح في أنحاء أوروبا".
وفق وكالة الأدوية الأوروبية، إن "المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن عدد حوادث الانسداد التجلطي لدى الذين تلقوا اللقاح ليست أعلى مما يُسجل لدى عامة الناس". تابعت بعض الدول استخدام اللقاح في حين علّقت أخرى على استخدامه مؤقتاً، لكن ماذا عن لبنان الذي من المفترض أن يتسلّم دفعة كبيرة (300 جرعة) من لقاح أسترازينكا في الأسبوع المقبل؟ وماذا نعرف عن تجلطات الدم، وهل من محفزات ومسببات لحدوث هذه المشكلة الصحية؟
حالة الخوف والقلق تلقفها رئيس اللجنة الوطنية لإدارة ملف اللقاحات في لبنان الدكتور عبد الرحمن البزري سريعاً حيث أكد أن "المعلومات الواردة عن لقاح أسترازينيكا يجب مراقبتها وتتبعها بدقة، وعدم التّسرع في أي استنتاج، لأن هنالك ملايين الجرعات من هذا اللقاح أعطيت في عددٍ من الدول الأوروبية وتحديداً في بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، إضافة إلى العديد من الدول العربية والآسيوية".
مشدداً على أن "هذه المعطيات قيد المتابعة والرصد من قبل اللجنة مع الشركة ووكالة الدواء الدولية ووكالات الاخبار لرصد تصرف الدول الاوروبية، وإذا تأكد ارتباط استرازنيكا بأي حوادث دموية سيبنى على الشيء مقتضاه. ولن يتم استخدام أي لقاح ما لم يتم التأكد من سلامته".
 

ولكن طبيّاً ما الذي يُسبب التلجطات في الدم؟ ومن هم الأكثر عرضة لها؟
يشرح رئيس جراحة القلب والصدر في مستشفى المعونات الدكتور نبيل الطويل أن "هناك عدة أمراض سواء الأمراض القلبية أو المرتبطة بالدم أو الإلتهابات الحادة خصوصاً عند مرضى العناية الفائقة، من شأنها أن تُسبب تجلطات في الدم.
لذلك، إن الأشخاص الذين يعانون من انسداد أو تكلس في الشرايين، أو الذين يعانون من عدم انتظام في دقات القلب أو الأشخاص الذين لا يقومون بالحركة كلياً، معرضون أكثر من غيرهم لمخاطر حدوث تجلطات في الدم. حتى الأشخاص الذين يتعرضون لكسور يُفرض عليهم النوم في السرير أو الذين يبقون في العناية الفائقة لمدة طويلة نعطيهم مسيّلاً للدم تفادياً لحدوث تجلطات".
كما يوضح طويل أن "التجلطات هي مشكلة موجودة في جسم الإنسان سواء في تكوينه نتيجة المرض الذي يعاني منه (عدم انتظام دقات القلب أو انسداد الشرايين وتكلسها أو إلتهابات حادة...) صحيح أن ليس هناك أدوية تُسبب التجلطات لكن هناك أدوية مسيّلة تساعد على تفادي هذه المشكلة. لذلك عطاء بعض هذه الأدوية يجب أن يكون تحت إشراف الطبيب تفادياً لحدوث أي حالات نزيف.
وعليه، إذا كانت هذه التجلطات خفيفة يمكن معالجتها بأدوية مسيّلة للدم، إلا أنه أحياناً يواجه المريض جلطات قوية وحادة تؤدي إلى انسداد مجرى الرئتين وبالتالي تُسبب الوفاة".
 

وعن الحالات التي سُجلت بعد تلقي لقاح أسترازينكا، يشدد طويل على أنه "سُجل حالات قليلة من أصل 5 ملايين شخص تلقوا اللقاح. وبالتالي بغياب أي دليل طبي وإحصاءات لا يمكن ربط الوفاة باللقاح، وهي مجرد صدفة ويجب التشديد أكثر على المراقبة والمتابعة لحملة ما بعد التطعيم. حتى حالات الوفاة نتيجة التجلطات لم ينشر أي شيء عن حالة كل مريض؛ تاريخه الصحي وما يعانيه من أمراض ومشاكل صحية، لمعرفة سبب الوفاة أو التجلطات الرئوية المسببة في أوقات كثيرة بالوفاة، خصوصاً إذا كانت هذه التجلطات حادة.
ما نعرفه أن مرضى الكوفيد_19 تعرضوا لتجلطات وتكون نتيجة الإلتهابات الحادة المسؤولة عن تجميد الدم. لذلك يبقى مهماً ـ سواء في وفاة كورونا أو نتيجة اي سبب آخرـ تشريح الجثة وإجراء الزرع للتأكد من سبب الوفاة الحقيقي وتحديد المسببات الرئيسية التي أدت إلى ذلك. وهذا ما يجب القيام به في حالة الوفاة بعد التطعيم لمعرفة ما إذا كان هناك علاقة وفهم المسببات العلمية والطبية".
يتحدث طويل من الناحية العلمية، برأيه "من المهم معرفة ما الذي حصل حتى تسبب الفيروس بوفاة الشخص، ولم نشهد على ذلك في العالم سوى في ايطاليا حيث أجرت تشريح 300 جثة لفهم ما كان يحصل مع مرضى كورونا. وعليه، هذا ما يجب ان يحصل عند الأشخاص الذين يلاقون حتفهم لمعرفة السبب وراء هذه الوفاة. طبياً، يجب إجراء دراسات مكثفة لإيجاد أجوبة علمية وطبية".
 

من جهته، يؤكد نقيب الأطباء في لبنان الدكتور شرف أبو شرف لـ"النهار" أن "نسبة المضاعفات أو الآثار الجانبية المتعلقة بالجلطات ما زالت نادرة الحدوث مقارنة بالملايين الذين تلقوا اللقاح. كما أن الدنمارك أكدت أن الدراسة أظهرت حتى الساعة أن لا علاقة للقاح بالوفاة، وأكدت أنه بعد أسبوع ستصدر النتائج النهائية. وبالتالي، لا مشكلة أو خوف في استخدام لقاح أسترازينكا، وحالات الوفاة كانت محض صدفة ولا علاقة للقاح بها".
وأمل أن "تكون الأسابيع المقبلة إيجابية في عملية تسريع التطعيم بعد الحصول على دفعات من مختلف اللقاحات خصوصاً أن الوضع الوبائي غير مطمئن نتيجة التجمعات التي يشهدها لبنان من جهة، وبطء عملية التطعيم بسبب الكمية المحدودة أو نتيجة عدم الإلتزام بداية بالأولويات. لذلك أهمية الإلتزام بالتدابير الوقائية إلى حين السيطرة على الفيروس وإلا سنكون أمام وضع صحي خطير. وقد أظهر متحور جنوب أفريقيا أنه أكثر حدة في الأعراض والمضاعفات وزيادةً في عدد الوفيات، إلا أن التطعيم أظهر فعالية في تخفيف حدة الإصابة بالمرض".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم