جوليَت عادت إلى الحياة بعد شهر من الغيبوبة... وابنها يروي لـ"النهار" قصة الأمل

ملامح وجهها تحكي الكثير، وفي عينيها قصة لم تُروَ بعد. ما نعرفه أن الأمل الذي فقدناه بالأمس تحت ركام مار مخايل عاد لينبض في جسد جوليَت عودة التي كانت في غيبوبة منذ لحظة الانفجار حتى الأمس. إشارات الحياة التي كنا نعيش على وقعها طيلة 3 أيام وجدناها في مستشفى مار يوسف حيث كان الصراع يتأرجح بين الحياة والموت. لن تعرف جوليَت أن ابتسامتها تلك ستجعلنا نفرح جميعاً، وأن صورتها اليوم أصبحت تُجسد الحياة بعد صدمة الموت! لن تعرف أن ما كنا ننتظره بالرغم من منطق العلم والطب كان أشبه بمعجزة، وأن الخيبة التي سكنت داخلنا أحيتها هي باستيقاظها من الغيبوبة. 

كثيرون منا لا يعرفون جوليت شخصياً إلا أننا بالأمس أصبحنا فجأة نعرفها أشد المعرفة وكأننا أحد أبنائها أو أقاربها. فرحة عودتها إلى الحياة جعلتنا نعيش مجدداً بالرغم من حطامنا الداخلي. 

من تغريدة لأحد أصدقاء ابنها إلى اتصال يروي فيه ابنها صموئيل قصة والدته لحظة وقوع الانفجار، يقول لـ"النهار": "كنتُ أستحم عندما وقع الانفجار، لوهلة لم أعرف ما حدث. لم تكن والدتي في المنزل. خرجتُ أبحث عنها فوجدتها في أسفل السلالم في البناية حيث من المرجح أن تكون متواجدة على الدرج عندما دوى الانفجار. كان مغمى عليها نتيجة ضربة قوية على الرأس بالإضافة إلى الجروح التي تركت آثارها في كل جسمها وخصوصاً الزجاج الذي أدى إلى ثقب في إحدى رئتيها. حملتها على خشبة بمساعدة بعض الشباب وتوجهتُ بها إلى آخر الشارع حيث التقيتُ بعمي وابنه ونقلناها إلى مستشفى مار يوسف".

ويشدد ابنها على أن "والدتي لم تستيقظ بعد 100% ولكنها المرة الأولى التي تشعر بوجودنا وتبتسم لنا وتحرك عيونها. بالنسبة إليّ هذه الإشارات كفيلة أن تُعيد لنا الحياة بعشهر من الغيبوبة ولكن طبياً نعلم جيداً أننا بحاجة إلى كثير من الوقت حتى تسترجع صحتها ونعرف الضرر الذي لحق بها نتيجة الضربة والغيبوبة. في الأسبوع الأول من الانفجار، قال لنا الأطباء إنه في حال لم تستيقظ خلال أسبوعين، فإن ذلك قد يؤدي إلى حدوث خلل في إحدى الوظائف أو قد تبقى في الغيبوبة لوقت طويل.

ما جرى بالأمس غيّر حياتنا، لم نكن نصدق أنها ابتسمت لنا وتفاعلت قليلاً بعيونها دون أن تقوى على الكلام. يصف ابنها تلك اللحظات بالقول: "مبارح حسيت إنو يلي صار نعمة من السما، كتر خير الله ع كل شي. نعرف أن الطريق طويل وأننا نحتاج إلى الوقت حتى تعود إلى حياتها وصحتها قبل الإنفجار لكن يكفينا هذا الأمل حتى نستكمل مشاورنا ونتابع العلاج. صحيح أن إشارة الحياة عادت بعد شهر من الانتظار لكن يهمني أن أشدد، عكس ما تمّ تداوله على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، على أن والدتي لم تستيقظ 100%، وهي "عم توعى شوي شوي".

صورتها المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة في أن تختصر الأمل الذي يعيش عليه كل لبناني منذ الانفجار حتى اليوم. دعوات من الصلاة والرجاء والتمني بالصحة والسلامة. تلك الكلمات باتت تختصر كل شيء ورافقت صورة جوليت لتقول لنا الكثير الكثير . أصبحت قصة كل شخص بمثابة قصتنا، وفرحة كل شخص بالنجاة أشبه بنجاتنا جميعاً، ودمعة كل شخص فقد ابناً أو زوجاً دمعتنا جميعاً. منذ أسبوع كتبنا عن فرحتنا وآمالنا التي رقصت مع السيدة كارمن خوري الصايغ بعد استيقاظها من الغيبوبة، واليوم يتجدد الأمل مع جوليت... على أمل أن نُعيد النبض لكل تلك البيوت المنكوبة ونعيد لها الحياة!