اشترِك في نشرتنا الإخبارية
"ضبابية الدماغ والذاكرة" عند المرأة... ما علاقته بانقطاع الطمث؟
08-07-2021 | 00:00
المصدر: (بي بي سي)
في بداية حياتها المهنية، ارتكبت طبيبة الأعصاب غاياتري ديفي مع زملائها في مستشفى "لينوكس هيل" في نيويورك، خطأ في تشخيص امرأة كانت تمر في مرحلة انقطاع الطمث، بمرض الزهايمر.
وبعد سلسلة من العلاجات (تضمنت آخرها تناول هرمون الاستروجين)، تحسنت صحة المرأة، وأدركت ديفي أن الأعراض الأولية - فقدان الذاكرة والارتباك - كان بسبب مختلف تماماً.
وكان ضعف الإدراك أو التدهور المعرفي للمريضة متعلقاً في شكل مباشر بانخفاض حاد في مستويات هرمون الاستروجين؛ الذي يبدأ في التقلب في السنوات التي تسبق انقطاع الطمث (والذي يبدأ سريرياً بعد عام واحد من آخر دورة شهرية للمرأة).
كان هذا التقدم في المعرفة، نقطة تحول بالنسبة إلى الطبيبة ديفي، وقادها ذلك إلى البحث عن أحد عوارض انقطاع الطمث الأقل شهرة وهي ضبابية الدماغ أو ضبابية الذاكرة.
ومن أكثر الأشياء المقلقة بشأن ضبابية الدماغ (والذي يُطلق عليه أيضاً في بعض الأحيان الضباب الذهني أو العقلي) هو أن العديد من النساء يعانين منه دون أن يدركن أسبابه.
وتقول ديفي لبي بي سي: "العديد من النساء اللواتي يعانين من انقطاع الطمث - فترة قد تستمر حوالى سبع سنوات - يبدأن بالمعاناة من صعوبة تذكر الكلمات أو التركيز على مهمات عدة في وقت واحد".
وفي حديث مع بي بي سي، قالت أستاذة الطب النفسي وعلم النفس والتوليد وأمراض النساء في جامعة إلينوي بشيكاغو، بولين مكي، "إنه يؤثر على نوع الذاكرة التي نستخدمها، كأن نذهب إلى المتجر ونحاول أن نتذكر ما كنا نريد شراءه".
وأضافت: "كما يؤثر أيضاً على قدرتنا على سرد القصص أو المشاركة في محادثة ما، ثم تذكّر ما قلناه لاحقاً".
هذه المشكلة منتشرة أكثر مما كنا نتصور.
ووفقاً لديفي "تعاني حوالى 60 في المئة من النساء في فترة ما حول انقطاع الطمث أو في مرحلة انقطاع الطمث، من تغيرات في الإدراك بشكل متفاوت، ولكن يمكن دائماً إثبات صحة الأمر من خلال إجراء الفحوصات الطبية".
تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في أن الدماغ يحتوي على مستقبلات هرمون الأستروجين والعديد منها تقع في منطقة الحُصين التي تسمى أيضاً بـ "قرن آمون أو حصان البحر"، وهي منطقة في الدماغ مهمتها إصلاح واسترجاع أنواع معينة من الذاكرة.
وتوضح ديفي أنه "عندما يكون هناك انخفاض مفاجئ في مستوى هرمون الاستروجين، يتأثر جزء من النشاطات في الحُصين".
لكن لماذا لا تعاني كل النساء من ضبابية الذهن في فترة ما قبل انقطاع الطمث؟
الجواب ببساطة هو لأن حساسية كل امرأة واستجابتها لتغيرات هرمون الأستروجين مختلفة.
تقول أستاذة الطب النفسي في جامعة بيتسبيرغ ريبيكا ثورستون: "لا يقتصر الأمر على هرمون الأستروجين. على المرء أن يأخذ في الحسبان عوامل أخرى أيضاً، مثل اضطراب النوم".
وتقول الباحثة إنه "خلال هذا الانتقال إلى مرحلة انقطاع الطمث، أبلغ ما يصل إلى 60 في المئة من النساء عن مشاكل في النوم مرتبطة بالذاكرة".
تتداخل مشكلة قلة النوم مع دوران الذاكرة، كما هو الحال مع الهبات الساخنة: شعور مفاجئ بالحرارة الشديدة التي تنتشر في كل أنحاء الجسم ما يتسبب في احمرار الجلد والتعرق بغزارة. وتقول ثورستون: "اعتدنا على التفكير في أن الهبات الساخنة مجرد عوارض حميدة يتعين على النساء تحملها، لكننا الآن نرى أن هذه العوارض مرتبطة بمخاطر القلب والأوعية الدموية، فهي علامات لمرض التهاب الشعيرات الدموية في الدماغ، وتؤثر على الاتصال بين الجانبين في تغيرات الحُصين التي تحدث تغييرات في الذاكرة".
وتقول البروفسورة مكي: "كخطوة أولية، من المهم ألا تصاب النساء بالذعر لاعتقادهن أنهن مصابات بمرض الزهايمر. فمن غير المرجح أن يحدث لهن ذلك، إنه أمر طبيعي".
وعلى الرغم من أن نتائج الدراسات مختلطة، إلا أن هناك مؤشرات على أن الضباب الذهني حالة موقتة وتتلاشى مع اعتياد الدماغ على العمل مع القليل من الأستروجين أو عدم وجوده على الإطلاق.
