امرأة من كل 4 تبكي مرة في الأسبوع نتيجة الضغوط... ما الأخطاء التي قد تقع فيها؟
تتخبط الأم العاملة عادةً بين مشاعر متضاربة ومتجاذبة، وبين إحساس الأمومة وما يسببه لها من إحساس بالذنب جراء ابتعادها عن أطفالها، والرغبة في تحقيق ذاتها من خلال حياتها المهنية، مع ما لذلك من دور في زيادة ثقتها بنفسها، وما له من انعكاسات إيجابية في علاقتها بأطفالها.
هذا دون أن ننسى الضغوط التي تتعرض لها الأم العاملة في كثير من الأحيان عندما تشعر بفقدان السيطرة على الأمور، وبأن مسار الأمور قد تخطى قدرتها على التحمل.
التوازن بين دورها كأم وكزوجة من جهة، ووجودها كامرأة تسعى إلى النجاح وإلى تحقيق ذاتها ضروري. ولا يمكن الاستهانة بأهميته حفاظاً على صحتها النفسية وأيضاً على سلامة علاقتها مع أفراد عائلتها ومع المجتمع من جهة ثانية.
ضمن ورشة العمل working Mom’s balance التي أقامتها الاختصاصية في المعالجة النفسية شارلوت خليل، أوضحت أنه في ظل المساعي المستمرة خلال سنوات ماضية لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، ازدادت الضغوط على المرأة مع زيادة مسؤولياتها في العمل خارج المنزل إلى جانب دورها ومسؤولياتها كأم وزوجة.
ما الضغوط التي تتعرض لها الأم العاملة؟
في ظل سعيها إلى تحقيق ذاتها في حياتها المهنية، تسعى الأم العاملة إلى المثالية في كل عمل تقوم به: في الأمومة والعمل وفي دورها كزوجة وفي علاقاتها الإجتماعية. يشكل هذا عبئاً عليها وضغوطاً كبرى تجد نفسها أحياناً عاجزة عن تحملها. مع الإشارة إلى أن ما تدل عليه الأرقام يوضح الصورة حول معاناة الأمهات العاملات:
- تعمل المرأة العاملة 37 ساعة في الأسبوع على الأقل.
- تعمل المرأة 80 ساعة في العناية بأطفالها.
- نسبة 11 في المئة من النساء يتأخرن على دوام عملهن أو يتخلفن عن الحضور بسبب مرض.
- أكثر من 50 في المئة من النساء يعانين جراء افتقادهن لأهم اللحظات في مراحل نمو أطفالهن.
- نسبة 80 في المئة من النساء يعانين توتراً في ظل الضغوط الزائدة لإنجاز كافة المسؤوليات.
- امرأة من كل أربع تبكي مرة في الأسبوع على الأقل جراء ازدياد الضغوط عليها.
تكمن المشكلة الأساسية بحسب خليل، في أن مجتمعاتنا قليلات هنّ النساء اللواتي يعبرن عن التوتر الزائد الذي يعانينه جراء الضغوط المتراكمة، فلا يجدن من يستمع إليهن غالباً حتى يخف هذا الكم من التوتر والضغط النفسي.
يضاف إلى ذلك أن الأم تلغي عامةً الأنشطة التي تخصها من أجل تأمين أطفالها وأنشطتهم. باختصار تسعى الأم إلى المثالية، ما يزيد الضغوط عليها ويجعلها ترزح تحت المزيد من المسؤوليات والضغوط، فيما لا تعود تجد مجالاً للراحة والاسترخاء، وهي تسعى إلى النجاح في حياتها المهنية وإنجاز مسؤولياتها كأم وزوجة على أكمل وجه.
في ظل كل هذه الأعباء، تشدد خليل على أهمية أن تتلفت الأم العاملة إلى نفسها وتننبه إلى جسمها وما يمكن أن يرسله من إشارات وعلامات تنبئها بأنها تحتاج إلى التخفيف عن نفسها لأن قدرتها على التحمل بلغت حدها الأدنى.
فعلى المرأة أن تهتم بنفسها إلى أقصى حد ممكن حتى تتمكن من تحمل كل تلك المسؤوليات الملقاة على عاتقها والاستمرار بدورها كأم وزوجة وامرأة تحقق ذاتها في العمل وفي المجتمع. التوازن ضروري بالنسبة لها ويجب أن تعمل جدياً على تحقيقه. من المهم أن تكون علاقتها مع نفسها جيدة وأن تعتني بنفسها بشكل أفضل حتى تكون علاقتها مع أطفالها أفضل.
ما الانعكاسات الإيجابية لعمل الأم خارج المنزل؟
صحيح أن الأم العاملة تعاني إحساساً بالذنب في كثير من الأحيان فيما تشعر بالتقصير تجاه أطفالها. إنما في المقابل ثمة إيجابيات كثيرة لعملها خارج المنزل لا بالنسبة لها فحسب إنما أيضاً على دورها كأم وفي علاقتها مع أطفالها.
- تشكل الأم العاملة مثالاً جيداً لأطفالها في الجهد والعمل والنجاح الذي تحققه، لأن ذلك يشعر الأطفال بالتحدي للسعي جدياً لتحقيق النجاح.
- تساهم في تربية أطفال مستقلين.
- تكون أقل عرضة للاكتئاب.
- تبعد عن صفة الأهل كسلطة أو شرطة في مراقبة الأطفال وتكون أكثر مرونة في التعاطي مع الأمور.
- تكون أكثر فاعلية في العمل على جودة الوقت الذي تمضيه مع أطفالها.
-لا تؤثر على النمو العاطفي لأطفالها.
- تتمتع بالمزيد من السعادة في علاقاتها.
- تحصل على مجال خاص لها في الوقت الذي تمضيه في العمل.
- تميل ابنتها في الوظائف التي تعمل فيها مستقبلاً إلى مراتب أعلى، ويكون ابنها أكثر ميلاً إلى المشاركة في أعمال المنزل وتمضية المزيد من الوقت مع أفراد العائلة.
ما الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الأم العاملة؟
معظم الأخطاء التي تقع فيها الأم العاملة والتي تشير إليها خليل، ترتبط بشكل أساسي بالإحساس بالذنب وبالرغبة في التعويض للأطفال عن الأوقات التي تتغيب فيها عن أطفالها. وما يبدو واضحاً في الواقع، أن ثمة إجماعاً بين الأمهات على هذه السلوكيات في التعاطي مع الأطفال عندما تعمل الأم خارج المنزل.
- الكذب على الطفل أو تقديم وعود بتحقيق أمور معينة وعدم الإيفاء بها. عندها يمكن أن تفقد الأم ثقة طفلها ولا يمكن استعادتها بعدها.
- عدم تمضية أوقات كافية مع الطفل، والمقصود بذلك جودة الوقت مهما كانت هذه الفترات قصيرة أو محدودة في الزمن. فخلالها يجب أن يكون الوقت كاملاً مخصصاً للطفل بغياب أي وسائل إلهاء كالهاتف مثلاً وهي من أصعب التحديات للأمهات حالياً.
نصيحة: في ذلك يجب تحديد أوقات خاصة للعمل وأخرى للأطفال وغيرها من الشؤون في الحياة وعدم إفساح المجال للاتصالات في أي وقت كان.
- الصداقة مع الطفل: ففيما يعمل الأهل عادة على إقامة علاقة صداقة مع أطفالهم، تشير خليل إلى أن ذلك لا يعتبر إيجابياً دائماً لأن الطفل يحتاج إلى مرجعية وسلطة يجدها في أهله بشكل أساسي.
يمكن أن تكون الأم قريبة من أطفالها وتلعب معهم وتمضي أوقاتاً ممتعة وتكسب ثقتهم وفق حدود معينة فتبقى سلطتها ضرورية.
- تجنب طلب المساعدة من الخارج ما يزيد من الضغوط عليها
- المبالغة في شراء الهدايا للتعويض عن الغياب.
كيف تعمل الأم العاملة بشكل أساسي على تحقيق التوازن بين مسؤوليتها كأم وواجباتها في العمل لتحقق ذاتها؟
بالدرجة الأولى يجب أن تدرك الأم حاجات طفلها الأساسية وعلى رأسها العاطفة والحنان. كما يحتاج الطفل إلى من يستمع إليه. فمن المهم تخصيص الوقت الكافي واللازم للطفل مهما ازدادت الضغوط. فحتى في حال التأجيل يجب الإيفاء بالوعد في هذا الوقت المخصص له.
هذا دون أن ننسى أن الأطفال يجدون في الأهل مثالاً لهم ويتأثرون بذلك أكثر من تأثرهم بالكلام والنصائح، ويجب أخذ ذلك بالاعتبار. كما يحتاج الأطفال إلى الشعور بالأمان والثقة ويجب تأمين ذلك لهم.
في مقابل تواجدها الفاعل إلى جانب طفلها، على الأم أن تعمل على الحد من الضغوط التي تتحملها، فلا تستخف بأهمية اللجوء إلى المساعدة عندما تشعر بالحاجة إلى ذلك، فهذا يزيد من قدرتها على التحمل. كما أن تنبهها إلى تلك المؤشرات التي يعطيها جسمها ضروري حتى لا تنهار فجأة. فإن ضعفها ينعكس على كل من حولها وعلى علاقاتها معهم.
وتشدد خليل على ضرورة ألا تستخف الأم بأهمية دورها في المجتمع وبعملها لتحقيق ذاتها. يمكن بالسعي إلى تحقيق التوازن أن تنجح في كل من هذه الجوانب، لا بل من المتوقع أن تكون عندها أكثر نجاحاً بعد أن تتمكن من تحقيقه.