الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الجرح البليغ الّذي ألم بلبنان وبنظامه الصحي لن تكفيه ضمادة ليلتئم

المصدر: "النهار"
تعبيرية (حسن عسل).
تعبيرية (حسن عسل).
A+ A-
جوليان ريكمان ومارسيلو فرنانديز*


يعاني الناس في لبنان من الانهيار الاقتصادي في البلد، ويكافحون للاستحصال على حاجاتهم الأساسية التي تشتمل على الرعاية الصحية. وفي ظل خصخصة النظام الصحي الشديدة وارتفاع تكلفة الخدمات الصحية، بات الناس عاجزين عن تحمل تكاليف الرعاية الطبية. ويشهد الوضع ارتفاعًا ملحوظًا في عدد اللبنانيين الّذين يبحثون عن مساعدات إنسانية تؤمن لهم الرعاية الصحية.

وتلاحظ فرق أطباء بلا حدود هذا الارتفاع في عياداتنا بصورة كبيرة، إذ ينعكس جليًا في العدد المتزايد لملتمسي الخدمات الطبية المجانية الّذين يقصدوننا. هذا ونلاحظ كيف بات المرضى أكثر عرضة لعواقب ظروفهم الهشة. فخلال الاستشارات الطبية، أمسى الناس يطلبون أشكال أخرى من المساعدة منها توفير الطعام. وفي ظل هذا كله، تؤدي الآثار الطويلة الأمد لهذه الأزمة التي تتعدّد مستوياتها وأوجهها إلى الحد من قدرة بعض الناس على تلبية احتياجاتهم الأساسية لدرجات نشهدها خلال الكوارث الإنسانية، ومنها الحصول على خدمات الرعاية الصحية.

وعلى مر 15 سنة، كان عدد المرضى اللبنانيين في عياداتنا يسجل مستويات خجولة غير أنّ الوضع تغير بصورة كبيرة في العام 2019. ومثال على ذلك هو ارتفاع عدد المرضى اللبنانيين في عيادتنا في البقاع بنسبة 60 في المئة. وتجاوزت نسبة المرضى اللبنانيين الّذين يلتمسون الاستشارات الطبية في عيادتنا في عكار الـ 80 في المئة.

يواجه لبنان أزمة اقتصادية حادة ستستمر لسنوات وستطال البلد بأكمله، دافعةً بالسكان إلى هاوية الفقر. وفي هكذا ظروف، لا بد من الاستجابة بصورة فورية، مع الحرص على ألا تحل الاستجابة مكان الحلول الطويلة الأمد مثل دعم المراكز العامة التي توفر الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات من جهة والمساعدة في تحسين الخدمات المُقدمة أساسًا من جهة أخرى.

واليوم، قد يحجم المجتمع الدولي للإغاثة عن الاستثمار في مبادرات محلية طويلة الأمد في بلد يقاسي تحديات اجتماعية واقتصادية هائلة، إذ يفضل تمويل أنشطة أقصر أمدًا تحمل هدفًا محددًا. يمكن اعتبار هذه المقاربة قصيرة النظر بمثابة وضع ضمادة على جرح بليغ. لكن الاستجابة الإنسانية التي لا تقوم على بنية نظام صحي عام قائم أساسًا ولا توائم حجم قدرات هذا الأخير ستفشل لا محال في الحفاظ على ما يمكن أن يشكّل حلاً مستدامًا لتوفير الرعاية الصحية للأشخاص الأكثر حاجة.

هذا ومن الضروري الأخذ في الاعتبار الجهود التي كان قد بذلها نظام الصحة العام ومواءمتها مع الحاجات والمتطلبات الحالية. فما زالت المستشفيات الحكومية قائمة وما زال جزء من الجسم الطبي اللبناني متواجدًا لممارسة عمله ولم تغلق جميع مراكز الرعاية الصحية الأولية والعيادات أبوابها، حتى ولو أنها تعمل بصورة متواضعة في الوقت الحالي.

وتأتي المخاوف المرتبطة بالأمن الغذائي بعد الخدمات الصحية وتتزايد كل يوم، خصوصًا مع الأزمة القائمة في أوكرانيا. وفي هذا الصدد، لا بد من حماية قدرة الناس على الوصول إلى الأدوية والعلاجات، وكذلك إلى الطعام والماء. كما لا بد من صب جميع الجهود في سبيل إرساء شبكة أمان تحمي الأشخاص الأكثر حاجة وتضع حدًا لمعاناتهم.


*رئيسا بعثتي أطباء بلا حدود في لبنان
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم