الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إلى الراقصين على أرواح الناس... أوقفوا حفلة الجنون والاستهتار بخطر كورونا!

المصدر: "النهار"
طوابير من السيارات أمام مركز لفحص كورونا في مستشفى سيدة المعونات في جبيل (مارك فياض).
طوابير من السيارات أمام مركز لفحص كورونا في مستشفى سيدة المعونات في جبيل (مارك فياض).
A+ A-
كل ما نشهده من سيناريو كارثي ليس مستغرباً، وقد مهّدت له عمليات الانتحار الجماعي وعمادها انعدام الوعي عند فئات كبيرة من قاطني لبنان وقاصديه.
 
فبذريعة الخوف من تهاوي اقتصاد متهاوٍ أصلاً، شرّعت أبواب الحانات و"بيستات" الرقص، وأقام فنانون الحفلات والليالي الملاح. وبذريعة مصلحة العام الدراسي، اتخذ القرار بالتعليم الحضوري في الأسابيع الماضية، من دون الاكتراث لتبعاته، لاسيما أنّ معظم الأولاد يحملون الفيروس من دون ظهور أعراض ليعودوا بعدها ويختلطوا بعائلاتهم التي تضم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. فيتم التناسي أن الدول التي اتخذت قرار التعليم الحضوري في ظل كورونا لديها أنظمة صحية سليمة، وليس كما في بلدنا ترفع الصوت وتستغيث عوناً.
 
أما عن السلوك الفردي، فحدّث ولا حرج. وهنا تغيب درجات الوعي عند حامل الشهادة كما عند فاقدها، بحجة التمويه عن النفس تارة، وحجة لقمة العيش المحقة تارة أخرى. وفي الحالتين، نحن أمام استهتار غير مقبول ومجرم بالأرواح.
 
السيناريو الكارثي حلّ إذاً، وبات البحث عن غرفة في مستشفى لمريض كورونا أمراً واقعاً، أما المشهد المرعب لطوابير السيارات أمام المستشفيات لاجراء الفحص فهو مؤشر على رقم الإصابات الذي علينا توقعه في الأيام المقبلة، على اعتبار أنّ كل من ذهب ليجري الفحص لديه شك بأنه خالط أو امتلك أحد العوارض الدالّة على كورونا.
 
وعلى وقع هذا المشهد، اجتمعت لجنة كورونا وبين يديها توصية بالإقفال، على أن تعقد اللجنة الوزارية لكورونا اجتماعها يوم الاثنين لاتخاذ قرار الإقفال ومنع التجول، وقد لا تكون هناك حاجة لاجتماع المجلس الأعلى للدفاع.
 
وأشارت المعلومات الى أنّ الإقفال العام يتوقع أن يبدأ غداة عيد الميلاد لدى الطوائف الأرمنية أي من السابع من الشهر الجاري، وقد يكون مثل الإقفال الأول الذي طبق في آذار العام الماضي.
 
وأوضحت أنه من المتوقع أن يستثنى من الإقفال الصيدليات والسوبرماركت والأفران ومحطات الوقود، على أن يكلف الجيش بخطة الإجراءات المشددة.
 
وكشفت معلومات "النهار" أنّ نحو ألفي إصابة بالجسم الطبي وأسرّة العناية امتلأت ومن المتوقع وصول عدد الإصابات يومياً إلى نحو 5000. 
 
وبلغت نسب إشغال العناية الفائقة في بيروت بلغت 92 % وفي جبل لبنان 94 % وفي عكار 100% وفي بعلبك 90%. 
 
ويوضح نقيب المستشفيات الخاصة الدكتور سليمان هارون لـ"النهار" أن "نسبة الإصابات ارتفعت بشكل كبير (20-25%) والمستشفيات بلغت قدرتها الإستشفائية، وهناك انتشار واسع للكورونا في لبنان. ولاحظنا أنه منذ 10 أيام أو أسبوعين شهدت المستشفيات ارتفاعاً مطّرداً بالإصابات، والحالات التي دخلت إلى المستشفى، تراوحت بين حالات متوسطة وشديدة". 
 
وأضاف أنّ "عدد الإصابات الكبير يؤكد استهتار الناس وعدم التزامهم بأدنى إجراءات الوقاية، ويعود مصدر العدوى حسب ما لمسناه مؤخراً إلى أحد أفراد العائلة الذي ينقل العدوى إلى العائلة جميعها. وبالرغم من كل التحذيرات التي شددنا عليها إلا أنها لم تلقَ آذاناً صاغية، والاحتفالات والتجمعات في كل مكان".
 
ويتخوّف هارون من الأسبوعين المقبلين، حيث سنشهد على طفرة إصابات أخرى بعد احتفالات ليلة رأس السنة. وما حصل بعد عيد الميلاد من إصابات بوتيرة سريعة سيتكرّر مجدداً بعد ليلة رأس السنة، إلّا أنّ المستشفيات ستكون بلغت قدرتها الإستشفائية القصوى. 
 
وتخوض 50 مستشفى خاصة من أصل 120 معركتها مع الكورونا، في حين ترفض أو تعجز البقية عن توسيع أو زيادة قسم خاص لكورونا. وبالتالي التعويل سيكون على وعي الناس ليتحلوا بالمسؤولية، وبالرغم من كل صرخاتنا إلا أن الناس ترفض الاستماع إلينا".
 
من جهته، يؤكد رئيس اللجنة الصحية في مجلس النواب الدكتور عاصم عراجي في حديثه لـ"النهار" أن "نسبة إشغال الأسرّة في العناية الفائقة وصلت في معظم المستشفيات إلى 90%، وهناك 50 سريراً متبقياً من أصل 500 سرير. وبين الحالات المتوسطة والشديدة في المستشفيات يوجد 1130 مريضاً. وهذا مؤشر مقلق، لأنه إذا دخل إلى العناية الفائقة بعد ليلة رأس السنة كما دخل منذ يومين، فإننا سنصل إلى قدرتنا الإستيعابية قريباً جداً. لقد وصلنا إلى مرحلة دقيقة وحساسة، خصوصاً أنّ الناس غير ملتزمة والتجمعات والاحتفالات دون إجراءات وقائية التي تؤدي إلى انتشار العدوى بطريقة أسرع". 
 
هل يمكن أن تكون السلالة الجديدة مسؤولة عن هذا الانتشار الواسع أم عدم التزام الناس بالإجراءات؟
 
برأي عراجي أن "الناس غير ملتزمة والدولة لا تفرض غرامات وعقوبات على المخالفين. على الدولة أن تحاسب أي شركة أو مؤسسة مخالفة، الملاهي والنوادي الليلية مليئة بالناس وغير ملتزمة بالإجراءات، الفيديوهات مخيفة والناس مستهترة ولا من يحاسب. حتى محضر الضبط يعتبر بسيطاً مقارنة بالمخالفة، ولا مشكلة عند صاحب النادي أو المهلى في دفعها شرط إبقاء الزبائن. أضف إلى ذلك، أن السلالة الجديدة التي تعتبر اكثر انتشاراً، ومع ذلك يصعب علينا إجراء الفحص الجيني الخاص وعلينا ارسال الفحوصات إلى الخارج لتحديد الاصابة بالسلالة الجديدة".
 
واعتبر نقيب الأطباء شرف أبو شرف في حديث لـ"النهار" أنه "بغياب اللقاح، لا حل إلا بإقفال لمدة 3 أسابيع على الأقل مع حملات توعية مكثفة للمواطنين ومساعدات للأكثر فقراً". كما دعا هارون في حديث لـ"النهار" إلى "الإقفال العام من دون استثناءات لما لا يقل عن 4 أسابيع، شرط أن يترافق مع خطة اجتماعية لمساعدة العائلات المحتاجة. وتزامناً، اقترحت لجنة الصحة النيابية، الإقفال لمدة ثلاثة أسابيع للحد من ارتفاع الإصابات ب#كورونا وإعطاء فرصة للقطاع الطبي. 
 
في المحصّلة، لا يصح القول سوى "خافوا الله" و"لا تستهتروا". والى عديمي المسؤولية، نقول: "ما ذنب من تنقلون لهم العدوى؟!"، ويا أيتها المسمّاة دولة، أتتفرجين على الشعب ينتحر وأتوّقتين القرارات الملّحة على عداد الاصابات المجنون.
 
وماذا بعد؟ فليتخيّل كل منكم نفسه أو قريباً احتاج غرفة في مستشفى ولم يجد. كورونا ليس رشحاً عابراً، ورقم الوفيات اليومي خير دليل. كورونا ليس ضربة حظ، اجعلوا درس الفيروس اللعين مصدراً للوعي وكونوا مثالاً للآخرين في بيتكم ومحيطكم الأوسع. كفى استهتاراً وجنوناً!
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم