النهار

النهار

كيف يمكن تخطّي القلق من تزايد حالات جدري القردة؟
كارين اليان
كارين اليان
المصدر: "النهار"
كيف يمكن تخطّي القلق من تزايد حالات جدري القردة؟
تعبيرية
A+   A-

يتزايد القلق في مختلف دول العالم من تزايد أعداد الإصابات بجدري القردة، ممّا قد يضعنا في مواجهة مع مرض جديدٍ، ونحن لم ننتصر بعدُ في تحدّي وباء كورونا، خصوصاً في ظلّ الأخبار التي تنتشر يوميّاً حول هذا الموضوع، والتي منها ما يُثير القلق، ومنها ما يعود بالناس إلى الاطمئنان.

لكن الأخبار بوجه عام تزيد من الهواجس والضغوط ومن معدّلات القلق بعد المرحلة الصعبة التي مررنا بها في ظلّ انتشار جائحة كورونا.

توضح الاختصاصية في العلاج النفسيّ جيزال نادر بأن الإجراءات الوقائية المتشدّدة والظروف المرافقة لانتشار كورونا خلقت حالة من القلق لدى كثيرين، ممّا يجعلهم أكثر هشاشة في مواجهة أيّ تحدٍّ آخر من هذا النوع.

كيف يظهر القلق لدى الناس؟

القلق يُصيب أشخاصاً يُفرطون بالتفكير في المستقبل، ويعملون على اتخاذ الإجراءات التي تسمح بالوقاية ممّا قد يحصل مستقبلاً. هم يفكّرون بمعدّلات زائدة في مواضيح تقلقهم، ومنها ما قد يتعلّق بصحّتهم أو صحّة من حولهم أو بالموت والمرض. هذا، ويظهر القلق – وفق ما توضح نادر - من خلال أعراض معيّنة يُمكن ملاحظتها كنوبات الهلع والتعرّق والتسارع في دقّات القلب وانقباض الصدر...

 هؤلاء الاشخاص يعملون على حماية أنفسهم بشكل زائد، علَّ ذلك يساعدهم على الحدّ من القلق والأعراض الناجمة منها، إلا أنّه يُرافقهم طوال الوقت، علماً بأنّ هذه الحالة من القلق الزائد قد تُصيب الناس بدرجات متفاوتة.

 

هل أصبح الناس أكثر هشاشة من الناحية النفسيّة بعد انتشار وباء كورونا؟

بعد انتشار وباء كورونا، زادت معدّلات القلق لدى هؤلاء الأشخاص الذين هم أصلاً عرضة لحالة القلق، بعد أن تبيّن لهم أنّ هذه الهواجس مبرّرة ولها أساس في الواقع، وهي عبارة عن خطر حقيقيّ. حتى أنه لدى من لم يعانوا القلق سابقاً، وُلد لديهم قلق مستجدّ بسبب حملات التخويف والأخبار المتداولة والظروف المرافقة لكورونا.  وتُشير نادر إلى أنه مع تراجع معدّلات الإصابة بكورونا ظهرت العديد من الحالات لأشخاص كانوا يعانون فعلاً من هذا القلق المرضيّ، خصوصاً لدى من يعانون أصلاً من اضطراب الوسواس القهري، حيث كانت المشكلة أسوأ. لكن لا يُمكن أن ننكر أن حالة القلق وجدت لدى كثيرين غيرهم. لكنّه في الوقت الذي يشارف وباء كورونا على الانتهاء، ومع بدء الناس بالعودة إلى حياتهم الطبيعية، عاد ظهور هذا المرض الجديد جدري القردة ليوقظ لديهم القلق والهواجس، ممّا تسبّب بزيادة الضغوط النفسية عليهم لكونهم استهلكوا الكثير من الطاقة في مواجهة كورونا، وباتوا يعانون من التعب النفسيّ جرّاء ما مرّوا به من تغيير في نمط الحياة وعزل وغير ذلك. وبالتالي، فمن الطبيعيّ أن يُشكّل ظهور مرض جديد مصدر قلق لديهم.

 

ما الذي يمكن أن يساعد على الحدّ من القلق في مواجهة جدري القردة؟

لا بدّ من التشديد على أن القلق المسبق لا يؤمّن الحماية ولا يفيد. فالأجدى هو أخذ الاحتياطات بطريقة واعية ومعتدلة؛ فهذا هو الحلّ الأنسب لمواجهة هذا المرض أو غيره؛ كذلك يجب عدم استباق الأمور.

تؤكّد نادر أن المشكلة في مَن يعانون القلق أنّهم يضعون مسبقاً الاحتمال الأسوأ للأمور، فيما ثمّة احتمال كبير لئلا يحصل شيء، وسرعان ما يتبيّن أنّ القلق المسبق الذي غرقوا فيه لم يكن مبرّراً، ولم يكن له أساس. وهذا ما كان من الممكن ملاحظته حتى مع كورونا، فالقلق الزائد لن يحمي، ولن يخفّف من الأعراض في حال الإصابة.

وبالتالي، يكفي اتّخاذ الإجراءات الوقائية التي تدعو إليها الجهات الطبيّة الرسميّة بطريقة منطقيّة ومعتدلة من دون مبالغة. أيّاً كان المرض الذي نواجهه، يجب التعامل مع الأمور بالمنطق والوعي من دون المبالغة في التفكير فيه وفي التفاصيل المرتبطة بهذا الموضوع، ومن دون خوف أو تفكير بأسوأ ما يمكن أن يحصل. كذلك يجب متابعة الحياة بشكل طبيعي، لأن التفرّغ في الحياة يفسح المجال للتفكير في الأمور بمعدّلات كبرى.

وتجب الإشارة أيضاً إلى أهمّية التشديد على المعلومات الطبيّة التي تصدر عن مصادر موثوقة، وعدم اتباع عشوائياً أيّة أخبار متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، لأنها تزيد من معدّلات القلق عندها، وقد تكون بمعظمها مغلوطة.