الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

موجود في 21 دولة... هل يصل المتحوّر الهندي إلى لبنان؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
المأساة الهندية.
المأساة الهندية.
A+ A-

مأساة الهند تتفاقم؛ اقترب العدد الإجمالي للإصابات بفيروس #كورونا في الهند من 20 مليوناً. لم يعد المتحوّر المزدوج محصوراً فيها، بل رُصد في أكثر من 21 دولة. الفيروس لا يحترم الحدود، وقد سارعت بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات سريعة في وقف الرحلات إلى الهند، أو إصدار تأشيرات الدخول لأيّ أجنبي زار الهند خلال 14 يوماً من طلب التأشيرة.
بالأمس، أعلنت السلطات الأردنية تسجيل ثلاث إصابات بالمتحوّر الهندي لأشخاص لم يسافروا، ما يؤكّد برأيها "أنّ ظهور الحالات المتحوّرة ليس بالضرورة مصدره الخارج، بل نتيجة التكاثر النوعي".
أما في لبنان، فاتخذت إجراءات توجب على الوافدين من الهند أن يخضعوا لحجر يمتدّ 14 يوماً في بلد ثالث قبل المجيء إلى لبنان. وقد أعلن وزير الصحّة بالأمس، أنّ "المتحوّر الهندي سريع الانتشار لكن العوارض هي نفسها. وتجري الوزارة فحوصاً على عشرين عيّنة وافدة للتأكد إذا ما كانت متصلة بالمتحوّر الجديد".
ما تشهده اليوم الهند من كارثة صحّية يوقظ فينا تلك المخاوف من أن تتكرر هذه المآسي، التي نحاول الخروج منها بأقلّ ثمن ممكن. وما اقترفته السلطات الهندية بحق شعبها أفظع بكثير مما يُخلّفه الفيروس في أجسام المرضى. فتجاهل كلّ التحذيرات العملية، والعيش على أمجاد الانتصار على كورونا جعلها تدفع الثمن أضعافاً. اكتظاظ في المستشفيات، نقص في المستلزمات الطبّية وأجهزة الأوكسجين، وإهمال يودي بحريق داخل المستشفى.
التجمّعات الدينية والمشاركات في الحملات الانتخابية ظهرت نتائجها سريعاً. تُصارع الهند بصعوبة هذه الموجة القاسية للفيروس، لكن هل نشهد سيناريو مشابهاً للسلالة البريطانية؟ وهل ينجو لبنان من هذا المتحوّر المزدوج؟
يؤكد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة اللقاحات الدكتور عبد الرحمن #البزري لـ"النهار"، أنّ "احتمال وصول المتحوّر الهندي إلى لبنان وارد، لأنه أصبح موجوداً في أكثر من 21 دولة. وقد أثبتت التجارب أنه لا يوجد بلد في العالم محصّن من دخول أيّ متحوّر إليه. ويعدّ المتحوّر الهندي رابع متحوّر عالمي، على الرغم من ظهور متحوّرات أخرى لم تشتهر أو تستحوذ على اهتمام الخبراء، كما هي حال المتحوّرات الأربعة.
وعليه، يبقى احتمال وصوله إلى لبنان وارداً. وقد اتُخذت إجراءات سريعة، وخصوصاً مراقبة المسافرين ووضعهم في الحجر بشكل جدّي. وتبقى الوقاية واحدة، وما دام هناك التزام بالوقاية من الفيروس يمكن الوقاية من المتحوّر. كما أنّ فحص الـPCR الموجود في لبنان بإمكانه كشف المتحوّر الجديد (المتحوّر الهندي)".
 

وعن التخوّف من انتشاره في لبنان كما حصل مع السلالة البريطانية، يشير البزري إلى أننا "لسنا متأكدين من أنّ السلالة البريطانية سيطرت على لبنان، نتيجة غياب الفحوص عن شريحة واسعة من السكان. ولكن ما نعرفه أنّ هذا الفيروس في تحوّر دائم، وهذه طبيعة الفيروسات. إذ يتكاثر ويظهر في نسخ جديدة معدّلة، بعضها لا يكون ناجحاً وبعضها الآخر يكون ناجحاً، ويصدر عنها هذا المتحوّر الذي نراه. وما يهمّنا حقيقة مراقبة ظهور النسخة الأكثر لياقةً للفيروس، التي نقصد بها النسخة التي تكون قادرة على الانتقال أسرع والتهرّب من الجهاز المناعي، دون أن تُسبّب حدّة أكبر في المرض. وحتى الساعة، لم يؤدِ متحوّر من المتحوّرات إلى زيادة حدّة المرض".
وعن الرسائل التي تلقّاها بعض الصحافيين لتلقّي لقاح أسترازينكا، على الرغم من أنهم دون الـ30 من عمرهم، يشدّد البزري على أنه "تمّ التواصل مع المنصّة من أجل توقيف هذه الرسائل، وسيتم التعامل معها بطريقة مختلفة. كما أنّ توصياتنا العملية تحصُر إعطاء لقاح أسترازينكا بالأشخاص الذين هم فوق الـ30 من عمرهم، فيما تُعطى لمن هم دون الـ30 لقاحات أخرى".
فما هي خصائص هذا المتحوّر؟ وكم طفرةً يحتوي وما مدى فاعلية اللقاحات عليها؟

تشرح الباحثة في علم الفيروسات والأمراض الجرثومية، وعضو اللجنة الوطنية للأمراض الانتقالية في وزارة الصحّة اللبنانية، الدكتورة ندى ملحم لـ"النهار العربي"، أنّ المتحوّر الهندي B.1.617 اكتُشف في الهند كمتحوّر مزدوج يحمل تغيّرات جينية على البروتين السطحي: E484Q وL452R.
تشير الأرقام إلى الموقع الدقيق لتغيير الجينوم المتصل بسطح الفيروس E484Q، وهذه الطفرة مشابهة للطفرة E484K التي سبق أن ظهرت في السلالات البريطانية، والجنوب أفريقية والبرازيلية. فيما ظهرت الطفرة L452R في سلالة كاليفورنيا CAL.20C.
إذاً، هذه المرّة الأولى التي تُرصد فيها الطفرتان معاً في متحوّر واحد، وأطلق عليها تسمية "المتحوّر المزدوج".
إلّا أنّ ذلك لا يعني أنّ وجود طفرتين في السلالة سيؤدي حتماً إلى مضاعفة انتشار المرض أو خطورته. في الوقت الحاضر، لا نملك معطيات ومعلومات كافية عن حدّة هذه الطفرة، ولكن هناك اقتراحات تشير إلى قدرة هذا المتحوّر المزدوج على الانتشار أسرع، وذلك نتيجة الارتفاع المخيف للإصابات في الهند.

ولكن هل فعلاً يتهرّب المتحوّر الهندي من الاستجابة المناعية؟
تؤكد ملحم أنه "وفقاً للمعهد الوطني الهندي لعلم الفيروسات، أظهرت الطفرتان E484Q وL452R قدرة أكبر على الالتصاق بمستقبلات AC2 (المستقبلات لفيروس سارس-كوفي2)، الذي قد يساعد الفيروس على التهرّب من الاستجابة المناعية.
ويشير المعهد إلى أنّ طفرة L452R الموجودة في المتحوّر الهندي، قد يكون من شأنها زيادة العدوى.

تجدر الإشارة الى أنّ طفرات الهرب من الاستجابة المناعية خطيرة لدى الأشخاص الذين لُقِّحوا، أو الذين تماثلوا للشفاء بعد إصابتهم بالفيروس، لأنها تخفّف من فاعلية الأجسام المضادّة وتسهّل الهرب من المناعة المكتسبة والدفاع في وجه المتحوّرات الجديدة.
وأمام هذا الواقع، يصبح السؤال المشروع والمنطقي: هل تطيح الطفرة الهندية فاعلية اللقاحات؟
تشدّد ملحم على أنّ "البيانات والمعلومات عن الطفرة المزدوجة محدودة جداً، على الرغم من إصابة أكثر من 18 مليون شخص بفيروس كورونا في الهند. وتستند هذه البيانات الى مجموعة صغيرة من الأشخاص الملقّحين في الهند بلقاح كوفاكسين (بهرات بيوتيك). وهو لقاح فيروس سارس كوفي 2 كامل ومعطّل، ويُعطى على جرعتين، يفصل بينهما 28 يوماً. وأشارت إلى أنّ مصل النقاهة من هؤلاء الأشخاص الملقّحين بكوفاكسين كان قادراً على تحييد الطفرة الهندية.
لذلك، في هذه المرحلة، نستطيع الاستنتاج أنّ اللقاحات المتوافرة قد تكون فعّالة بنسبة جزئية على هذا المتحوّر المزدوج. ومع ذلك، من المبكر التوصل إلى استنتاجات نهائية. لذلك يبقى الترصّد للمتحوّرات المثيرة للقلق ومتابعة فاعلية اللقاحات المتوفرة عليها مهمة ضرورية، وأساسية بهدف توجيه تطوير اللقاحات المستقبلية".

 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم