الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مشاريع لإحياء واحة نفطة التونسية المهددة بالجفاف... ابتكارات وانتاج سكر التمور

المصدر: "النهار"
في واحة نفطة (أ ف ب).
في واحة نفطة (أ ف ب).
A+ A-
يقول المزارع محمد إن "كلّ شيء ينبت" في واحة نفطة في الجنوب التونسي، وهو يرغب كما كثر من عشاق المكان في احياء هذه الواحة بتقاليد مطبخها ومشاريع مبتكرة تعيد إليها اشعاعها.

ويقول بقعة البالغ 63 عاماً أمضى 40 منها في نفطة لوكالة فرانس برس، إن "الواحة كانت تضم 152 منبعاً للماء توفر 700 ليتر في الثانية".
 
لكنّ إفراطاً حصل في استخدام المياه بهدف إنشاء واحات أخرى ولري أشجار النخيل التي تنتج تموراً من صنف "دقلة النور"، ما أدى، بحسب محمد، إلى "استنزاف ينابيع الماء قبل 20 عاماً في نفطة" التي تبعد 500 كيلومتر من العاصمة تونس.

ويضيف، "يمكن أن نعيش مما تنتجه الواحة، ففيها كل الحاجيات، من خضار وعلال ورمان ومشمش فضلا عن الطماطم والجزر". ويلاحظ أن "كل شيء ينبت هنا بفضل الشمس والماء".

فثمار شجرة النخيل التي تطلق عليها تسمية "الملكة" كفيلة بتوفير السعرات الغذائية الأساسية، ويشير إلى أن "العمّال هنا يتناولون في منتصف النهار بعضا من التمور والحليب وهذا مغذٍ".
 
لكن محصول هذه السنة لم يكن جيّدا بسبب قلّة الأمطار وارتفاع درجات الحرارة خلال شهر آب الفائت إذ ناهزت 55 درجة بفعل التغير المناخي وبالتالي ظهرت على حبات التمر ندوب "جفاف"، وفق محمد.

ويعتبر التونسي- الفرنسي باتريك علي الورغي الذي أنشأ عام 2011 دار ضيافة ذات مواصفات مراعية للبيئة في نفطة سمّاها "دار الهي" أن الواحة تمثل "نظام زراعة مستدامة سابقة لعصرها وهي زراعة تعتمد على ثلاثة مستويات. فالنخلة تقي أشجار الغلال التي تحمي بدورها الخضر (من فلفل وطماطم وغيرها) وهذا طبيعي في الواحة".

و"دار الهي" ليس مشروع فندق فقط بل مختبر أفكار "بالم لاب" يُدعى إليه فنانون ومهندسون معماريون يأتون لمنافشة كيفية المحافظة على هذا "العالم الجميل".
 
ويشدد باتريك على ضرورة "جذب المستثمرين والمزارعين لاعادة الاستثمار في الواحة لأن وضعها في تدهور".

ولمواجهة نقص الموارد المائية يحاول باتريك المولع بالابتكار وشركاؤه "ادخال تقنيات جديدة مثل الري قطرة قطرة والطاقة الشمسية"، على ما يشرح. وينتقد سوء التصرف في كميات المياه بسبب نظام الري بالغمر لأجزاء من المزروعات المعتمد حالياً داخل الواحة، ويتم ضخها من عمق 100 متر.

كما سعى باتريك وأصدقاؤه إلى احياء نفطة وجلب الانتباه نحوها من خلال إصدار كتاب "مطبخ الواحة" إذ "لا يوجد شيء في الواحة ولكن لا ينقصنا شيء".

ويكشف أن هذا "المطبخ التقليدي" يعتبر "بسيطا جداً ويعود لحلول أول الرُحل" عندما كانت نفطة "منطقة عبور للقوافل" التي كانت تأتي "من إفريقيا وتجلب معها توابل غير معروفة، فظلت هنا تقليدا".

وتوضح رئيسة المطبخ في "دار الهي" نجاح عامر أن "ما يميّز نفطة أن إعداد التوابل يتم في المنزل. وهي تختلف جداً عن تلك التي يتم شراؤها من السوق، من حيث تنظيف الأوراق والروائح والنكهات. تدرك جيّدا كيف تم إعدادها".

وتعد نجاح (40 عاما) أصنافا من الأكل ورثتها عن أمّها وأخرى من ابتكارات الفرنسي المشهور في عالم الطبخ "فاغ" (فريديريك غراسير إيرميه) و"العديد من المكوّنات والتوابل تأتي من الواحة مثل الفول الأخضر والفاصوليات والسلق".

غير بعيد عن "دار الهي"، يبحث مغرمون آخرون بالواحة عن سبل لتطوير وتثمين منتجات هذا المكان. ويقول الأميركي الذي يقطن محافظة سوسة (شرق) والمغرم بالجنوب التونسي وبالتمور، كيفين كلاي، "لاحظنا أن ما بين 20 و30% من كميات التمور تُلقى او تقدم للإبل كأعلاف فقط لأن شكلها غير جميل".

وبادر كيفين إلى شراء كميات من هذه التمور ونزع النواة وجففها وطحنها واستخرج منها "سكرا ذا سعرات حرارية اقل بخمس مرات من السكر الأبيض، وهو صحي يحتوي على بوتاسيوم أكثر من الذي نجده في الموز".

وأنشأ كيفين (35 عاما) من خلال هذه الفكرة مصنعا صغيرا في العام 2018 بمساعدة مستثمرين ويشغل العشرات غالبيتهم من النساء واصبح يستقبل "طلبا كبيرا من الولايات المتحدة".

تم ادماج زراعات جديدة في الواحة على غرار نبتة المورينغا أو "الشجرة العجيبة" التي تستعمل لغايات غذائية وطبية، وهي تمكنت من التأقلم مع مناخ الدول الإفريقية.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم