الكتّاب والروائيّون يثبتون نجاحهم في عالم الألعاب الإلكترونية

انتشرت الألعاب الإلكترونيّة على نطاق أوسع في الفترة الأخيرة، لا سيّما بعد انتشار وباء كورونا وإجبار الجميع على التزام منازلهم بين عامي 2020 و2021. وبالرّغم من تأقلمنا مع الوضع الصحيّ وعودة الجميع إلى حياتهم الطبيعيّة، ظلّت هذه الألعاب تزداد شهرة. فمثلاً: باعت "FromSoftware" أكثر من 12 مليون نسخة حول العالم من لعبتها "Elden Ring"، التي أصدرتها في شباط، والتي من المتوقّع أن تُهيمن على جوائز الألعاب لهذا العام.

تحتوي اللعبة، التي شارك في ابتكارها مدير الألعاب الياباني ميازاكي هيديتاكا، على الكثير من الحبكات الفرعيّة المثيرة للاهتمام والشخصيّات متعدّدة الأوجه، وتدور أحداث قصّتها في عالم خياليّ يملؤه الصراع السياسيّ والوحوش الخارقة للطبيعة. وحصل ميازاكي على بعض المساعدة من المؤلّف جورج آر آر مارتن، مؤلّف المسلسل الخياليّ "A Song of Ice and Fire"، من أجل صياغة تقاليد اللعبة وأساطيرها.

إنّ تأليف قصّة "إلدن رينغ" يدلّ على اتّجاه جديد تسلكه شركات الألعاب الإلكترونيّة، إذ تخصّص جزءاً من استثماراتها لتوظيف الكتّاب لخلق ترفيه ذي ثقل عاطفيّ، يكفي للتنافس مع القصص التي نراها في الأفلام والمسلسلات، أو التي نقرأها في الكتب.

وذكر موقع "إكونوميست" أنّ مديري ومصمّمي قصص الألعاب كانوا في السّابق يأتون من خلفيّة تقنيّة أو إداريّة. أمّا الآن، فهم من الكتّاب البارعين، في أغلب الأحيان. فقصّة لعبة "The Last of Us" - على سبيل المثال - كتبها نيل دروكمان، الذي أنتج أيضاً روايات مصوّرة، وهي قصة بقاء ما بعد نهاية العالم. وكان كين ليفين، "العقل المدبر" وراء سلسلة "BioShock"، قد كتب سيناريوهات مستوحاة من الأفلام. أمّا لعبة "Uncharted"، وهي سلسلة مغامرات على غرار إنديانا جونز، فابتكرتها إيمي هينيغ، وهي ملمّة بالأدب.

إذن، تقوم شركات الألعاب الكبرى ذات الميزانيّات الضخمة بتوظيف فرق للكتابة من أجل ابتكار حبكة وشخصيّات يتعلّق بها اللاعبون، ويعمل إلى جانبهم الفنّانون والموسيقيّون والمبرمجون ومصمّمو الألعاب.

الجدير بالذكر أنّ الألعاب سابقاً كانت قائمة أكثر على الحركة، مع القليل من الإحساس بالقصّة، وكانت وظيفة الحوار هي إعطاء تعليمات للّاعب، مثل قول "اذهب من هنا وافعل هذا"، فلم يكن التعاون قائماً بين الكتّاب التقليديّين ومطوّري الألعاب بسبب المتطلّبات الخاصّة لشركات الألعاب. ومع ذلك، فإنّ نجاح ألعاب مثل "The Last of Us"، التي تعمل "HBO" على تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني، يُشير إلى أنّ اللّاعبين معجبون بالنصوص والمضمون. وتمّ تحويل اللعبة الناجحة "Uncharted" أيضاً إلى فيلم في وقت سابق من هذا العام.

لذلك، ليس بعيداً أن نرى المزيد من التعاون بين الروائيين وكتّاب السيناريو مع مطوّري الألعاب في المستقبل، خاصّة المؤلّفين الذين لعبوا هذه الألعاب وأُعجبوا بها في طفولتهم.