الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل سأموت؟

المصدر: النهار - تريزيا عبود
هل سأموت؟
هل سأموت؟
A+ A-
"أمي هل سأموت بسبب مرضي؟"
عندما سمعت الأمّ كلمات ابنتها اغرورقت عيناها بالدّموع قائلةً بقلبٍ محروق: "كلّا يا ابنتي، لن تموتي بسبب مرضك بل بسبب هذا الوطن"... هل ستبقون مكتوفي الأيدي؟ هل أنتم فرحين برؤية الموت يأخذ أرواح أبنائكم، إخوتكم، عجائزكم، أو حتّى أرواحكم؟
إلى متى سنبقى نعاني بسبب بعض الأشخاص من فاقدي حسّ الإنسانية؟ إلى متى سنبقى ممدودي الأيدي طالبين مساعداتٍ للحفاظ على حياتنا، ويا ليت هذه المساعدات تصلنا! كم من الصّعب أن أرى وطني الذي كان آية من الجمال يتحوّل إلى حبس، مفتاحه الخضوع لذوي السّلطة. إنّني فتاةٌ في السادسة عشرة من عمري، أرى مستقبلي و مستقبل جيلي يتبخّر في الهواء؛ أرى أناساً تنام، وعيناها مملؤة بالدموع، خائفة من الغد. أنظر إلى أهالٍ تتعب ليلاً نهاراً للحصول على الرّغيف الذي هو حق من حقوقهم، وقد أصبح حلم طفل أن يأكل ويشرب؛ أصبح حلم شاب أن يسافر لتأمين مستقبل له، أصبح حلم أمّ وأب القدرة على رسم الابتسامة على وجوه أولادهم، والنوم على الوسادة من دون ذرف الدموع و التفكير في كيفية دفع فواتير الكهرباء والماء، التي لا تأتي أساساً. أصبح حلم العجوز أن يموت و حوله أولاده لا أن يوضع في برّاد الأموات بانتظار رجوع أولاده من الخارج. أصبح حلم المريض أن يحصل على الدواء الذي يُخفيه أناسٌ منعدمي الضمير.
في كلّ مرّة أكتب فيها، أقسّم مقالتي إلى سلبيّات و إيجابيّات، أمّا اليوم فلن يكون هناك أيّ إيجابيّة واحدة لأنها معدومة.
كم من الصعب رؤية بلدي يغرق في فجوة سوداء قاتمة، ولا يُمكنني فعل شيء إلّا الكتابة...أرجو يوماً ما أن يستيقظ هذا الشعب الذي لا مثيل له من غيبوبة الصمت فيتكلّم بفمٍ واحد، ويحقّق لنا حياةً لبنانية كما كنّا نتخيّلها...
و لكن السؤال الذي سيراودني كلّ يوم: هل سأموت بسبب وطني الذي كانت أمي تحبّبني به؟!
تريزيا عبود
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم