بدأت فكرة المجموعة القصصية "مقامات" بإلهام يجمع ما بين مقامات الموسيقى حيث الأساس التي تبنى عليه الألحان، وتتنقل بين درجات وعلامات متتابعة، ما بين هبوط وارتفاع وتناغم بينها، بما يشبه تأثير الكلمات وقدرتها على ترجمة المشاعر، والإحساس، والانتقال بحال القارئ ما بين حالات متنوعة من الشجن والحنين والحزن والفرح، عبر سرد مواقف حياتية تمر بنا جميعًا.
كلمة مقامات حرفيًا تعني "محطات"، وهكذا المجموعة القصصية الحالية تشير إلى محطات فاصلة مشتركة بين حيوات الجميع، فحاولت الكاتبة تناول شرائح متنوعة من المواقف والأفراد، فلا يوجد أحد لم يمر بواحد أو اثنين على الأقل من هذه المواقف، بكل ما تحمله من مشاعر وإحساس، وساعدت على انتقاله إلى مرحلة أو محطة جديدة في حياته، عبر الألم، عبر الفرح، عبر مزيج من المشاعر المختلفة.
تتكون المجموعة القصصية "مقامات" من 24 نص وقصة، تحمل عناوين:
مقام المقام، مقام التداوي، مقام الونس، مقام الألوان، مقام الشفاء، مقام الحضور، مقام الانتظار، مقام الحنان، مقام النجاة، مقام الحرمان، مقام التخلي، مقام الستر، مقام الولد، مقام الفرح، مقام الرسل، مقام الصداقة، مقام السقوط، مقام القلب الأخضر، مقام المحارب، مقام الرغبة، مقام الاحتياج، مقام الحب، مقام الوصول، مقام الصدق.
لكل نص قصة مختلفة، تروي مواقف عن الحب والكراهية والوفاء والخيانة، وليس بالضرورة أن تأتي الخيانات والاخفاقات من الرجل أو المرأة، بل قد تأتي من الجانب الأقرب، الجانب الذي نعتبره الأكثر أمانًا في حياتنا، ولعل أصعب الخيانات التي تأتي من الأصدقاء. بينما تمر بعض القصص على مشاعر أكثر دفئًا فتصف الحب في أرق حالاته وأكثرها شفافية، سواء في غياب المحبوب أو قربه. وبعض القصص تتطرق إلى الحيوات والاختيارات المستحيلة، والتي يمكن الحكم عليها بسهولة طالما لسنا أحد أطرافها، إلا أن الوضع ينقلب إلى الضد أحيانًا، ونجد أننا نختار مرغمين ما قد نرفضه لو لم تكن القصة تخصنا. وتعرض بعض القصص أمنياتنا التي نصر عليها، ونلحّ في الدعاء لتحقيقها، وعندما يستجاب الدعاء، تتحول إلى أسوأ كوابيسنا، فيصاحبنا الندم، ونظل نسدد فواتيرها من ألم وعذابات غير محتملة ما تبقى من العمر.
تبدأ المجموعة القصصية بنص "مقام المقام"، حيث الخطيئة الأولى في الحياة، وما ترتب عليها من خطايا، نحاول التعايش معها، والتكفير عنها، رغم أننا لم نرتكبها.
وتنتهي بنص "الصدق"، وهو من النصوص الفارقة في المجموعة، لأنه يكشف كثيراً من الأسرار عن مقامات الكلام وما تعنيه للقارئ وللكاتب، الذي يطرح سؤال "ماذا صدقت!!"
.....