الحرب على غزة والمأزق الصهيوني

الحرب على غزة والمأزق الصهيوني
الهدنة في غزة وتداعياتها على الداخل الإسرائيلي
Smaller Bigger
لم يكن على الكيان الصهيوني أن ينصاع وراء شوفينية نتنياهو في كسر عزيمة المقاومة بطريقة القبضة الحديدية، ولم يكن على أحلامه الوردية أن تتجاوز سقف بقائه على رأس الحكومة الإسرائيلية في أزمنة أخرى غير ربيع المقاومة المسلحة الفلسطينية المسندة بمروؤة عرب اليمن ولبنان والعراق، ممّا جعل الهدنة منفذه الموقت من مأزق غزة.
الهدنة في غزة وتداعياتها على الداخل الإسرائيلي:
انعقدت الهدنة بضمانات دولية للوقف الفوري لإطلاق النار من الجانبين ولفسح المجال أمام دخول المساعدات وتحويل الجرحى نحو المستشفيات المصرية وغيرها. وتضمّنت أيضاً اتفاقاً مهمّاً يتعلّق بتبادل الأسرى خاصة في ظلّ ضغط الشارع والهزيمة الإعلامية المدويّة للكيان الصهيوني الذي وعد بتحرير الرهائن وتصفية المقاومة المسلّحة في غزة عن طريق العملية العسكرية، لكنّه فشل في ذلك عسكريّاً وسياسيّاً. هذا الفشل ظهر جلياً في محاولاته تعتيم الظهور الإعلامي لأسراه المحرّرين، كما ظهر من قبل من خلال تحرّكات عائلات الأسرى ومواطنيهم في كلّ الاتجاهات لإنهاء الحرب حرصاً على سلامة ذويهم من طيش مغامرة نتنياهو بتصفية المقاومة في غزة بأيّ ثمن حتى على حساب سلامة الأسرى.
هذه الهدنة تحيلنا على انتصار المقاومة وتكسر سرديّة توازن الرعب التي هي في المطلق مجرّد مقاربة إصلاحية مجانبة للصواب، لأنّ المعركة أديرت بطفرة إعلامية واسعة إلى جانب النجاح العملياتيّ للمقاومة، فحصدت تعاطفاً دولياً قد يجعل من الوقف الدائم لإطلاق النار ضرورة عسكرية بل مطلباً شعبياً يؤيده طيف سياسي واسع في الداخل الإسرائيلي.
تقارب مصالح وسطاء الهدنة
من الطبيعي أن تؤدي كل من مصر وقطر والولايات المتحدة هذا الدور بامتياز لاعتبارات عدة، حيث يمكن تفهّم تخوّف مصر من اندلاع حرب إقليمية، لن تسلم منها، إضافة إلى تهديد مصالحها في البحر الأحمر بعد تتالي خطف البواخر من قبل الحوثيين في اليمن. كذلك صار جلياً تعاظم الدور الدولي لقطر، التي رأينا مساهمتها في عملية تسليم الرهائن الأميركيين من إيران منذ شهرين تقريباً، وحظوتها لدى المقاومة الفلسطينية كلاعب عربي قد تنتهي حدود مصالحه عند طموحه الإقليمي لا غير. أمّا الولايات المتحدة الأميركيّة، فقد اصطدمت بمواقف الشارع وتصدع الموقف السياسي حتى من داخل الديمقراطيين أنفسهم تجاه مواقف الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة، ودعمه غير المشروط لآلة القتل الصهيوني، مما جعلها تعيد حساباتها وتتخوف من سيناريو فيتنام جديد أو صومال جديد لا يمكن كبح جماحه، إضافة إلى ضغط المجتمع الدولي من أجل إنهاء الحرب والتأسيس لجولات جديدة من المفاوضات بذهنية الخاسر وليس المنتصر ككل مرة.
التحولات الإقليمية في المنطقة:
من الطبيعي أن تتحول منطقة الشرق الأوسط إلى أكبر منطقة توتر بعد الحرب الباردة.
هذا التوتر يجعل من تواصل الحرب كابوساً يقضّ مضاجع دول الجوار كافة في المنطقة.
من الضروري أيضاً النظر إلى التحوّلات الإقليميّة خاصّة مع بروز قوى جديدة، وأخرى تتهيأ للبروز، وتقرأ لها الولايات المتحدة الأميركيّة ألف حساب، خاصة في ما يتعلّق بدور إيران في الحرب الأخيرة على غزة، والتي تتالت تصريحات كبار مسؤوليها، وهدّدت في أكثر من مناسبة بالدخول في الحرب كلاعب رئيسيّ مكشوف الوجه، وقادر على تغيير المعادلة وبعثرة الأوراق الدولية المنظّمة منذ سنوات على أساس توازنات كامب ديفيد، إضافة إلى تكلفة الحرب التي لن تستطيع اقتصاديات الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها تحمّلها، ولا حتى الظفر بعائدات معقولة من الريع .
كان ولا يزال على الإمبريالية العالمية أن تتعرض إلى صدمة مع بداية أفولها، بعد عقود من هيمنتها وإدارتها للّعبة على رقاب شعوب، آن الأوان لها أن تختار حريّتها كاملة لا تتجزأ على كامل أراضيها، وفي محيطها الإقليمي، أو أن تتحمل الإمبريالية مآزق هيمنتها الاستعمارية.

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي 12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر 12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال 12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار"  إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين