الفتى والسيِّد (٣)

- يا فتى! أنت وعاء روحك، مثل بئر مياه صافيّة، تنعكس فيها صورتك؛ وكذلك روحك مرآة تجلّيات حبّ الله. فما ألقيت بها حفنة تراب إلا وتعكّرت، فلا ترى منها شيئاً؛ كذلك روحك لا تزال عكرة ومحجوبة رؤيتها عن تجلّيات أنوار الله، حتى تصفو...
- متى تصفو، سيدي ..؟
- ‏ المياه الصافية حجبت انعكاس صورتك بحفنة تراب، وكذلك روحك لن تصفو إلا بالخلاص من عكارة النفس وتفرّقك بينها...
يا فتى! المياه العكرة تصفو بالجريان، فسلّم للمحبوب، كما تسلّم المياه في مجراها. كفاك الحبّ يضخّ فيك أنواره، فتجري المياه وتصفو بلا حول ولا قوّة منك.. فما رأيت أنه بوردك أو بحبّك أنت، أو بكيفٍ منك، فما زلت ترى أنه بمقدورك جريان الأمر، وإلا ستظلّ متفرّقاً بين ذرّات نفسك، وستظلّ روحك محجوبة عن أن تنعكس إليها تجلّيات المحبوب؛ تجلّيات المحبوب لا تنقطع بل أنت الذي انقطعت .. المحبوب لا ينقطع مدده، فما دمت أنت فما رأيت ..