مداراتُ امرأة

بينَ شهقةِ الفجرِ ونزيف روحها
خنجرٌ من المدنِ الفارغةِ
بينَ صوتِها وحنين اللقاءِ أصابعٌ
تعزفُ على صهيلِ المسافاتِ
وتبتسمُ، بين قبضة الباب ومفتاح العشق أغلال تهاوت تحت قدميها، بين وبين أصابع تكتب لحن الخلود.
كانَ اللَّيل يرفعُ الغطاءَ عن جروحِها يمسحُها بدمعتين وتنهيدةٍ طويلةٍ،
يوشوشُ في أذنِهِ عن امرأةٍ بطعمِ فرحٍ،
بحجمِ وطنٍ،
بشكلِ الكرز،
لمْ يصغِ سمير لترَّهاتِ ذلكَ اللَّيل الَّذي تعودَ على سماعِه طوال عمر مضى على حافة النهاية دونَ أنْ يلمسَ أيَّ تغيُّرٍ في حياتِهِ،
تابعَ شغبه كالمعتادِ،
أوراقٌ مبعثرةٌ فوق طاولةٌ عبثيَّةٌ أصبحَ على مرِّ الأيَّامِ يكرَهُ ترتيبَها،
كأسٌ منَ الشَّاي المعتَّقِ لمْ يعرفْ منذُ متى وُضِعَ فوقَها، فناجين منَ القهوةِ ارتسمَتْ على وجوهِها حكاياتٌ لمْ تكملْ بعدُ،
كأسُ نبيذٍ فارغٍ يستجدي زجاجةَ فقدها في منتصفِ الرَّغبةِ.
زجاجة عطر لامرأة دارت بها المدارات وخلسة سقطت فوق صحراء البوح كقطرة ماء .
يستجمعُ سميرٌ قواهُ العقليَّةَ والجسديَّةَ بعدَ أنْ شرِبَ جرعةً كبيرةً من كأسِ الحياةِ،
ينادي على اللَّيل بصوتٍ خافتٍ ..
سمير: تعالَ أيُّها اللَّيلُ اجلسْ فوقَ هضابِ الرُّوحِ وتحدَّثْ ..
اللَّيلُ: هذهِ المرَّة أحملُ لَكَ في جعبَتِي الكثيرَ من الجدِّ يا سيِّدَ الكلماتِ ،
لقدْ داهمَتْني امرأةٌ في غفلةِ النَّومِ ومزَّقَتْ قصَّتَها كل أشلائي
سمير: ماذا قالَتْ لَكَ ؟
اللَّيلُ: سأروي لّكَ جزءاً منْ قصَّتِها لكنْ أعطِني وعداً أنْ تُكمِلَ قصَّتَها بين أضلاع المساء الحالم ورائحة قهوتك التي ارتدت وجهها .
سمير: لَكَ ما تريدُ ..
اللَّيلُ: هذهِ المرأةُ
بعد أن اجتاحت أنياب النَّهار صدرَها ومزَّقَت ثيابَها عندما نام أصحاب الفضيلة التحفَتْ بغيمةٍ خرساءَ ..
حينما ركلَها بظهرِها وهى تنزف من نصل بارع سندها الوحيدُوصرخَتْ في وجهِها مملكةُ الحنانِ تكورت في زوايةِ وهي تتلظى بنار الألم تنتظرُ شمسَ الصَّباحِ لتشرق عليها، لكنها لم تر هذا الشروق حتى حضر المساءُ ضاحكاً لها فأهدته مفاتيحَ ينابيعِها لكنَّهُ باغتها ووضعَ ترابَهُ الأسودَ في فمِها الظمآن ....
سمير: يبدو أنَّنَا نقتربُ كثيراً من الحقيقةِ ...
اللَّيلُ: أعتقدُ ذلكَ،
سأدعُكَ تكتبُ رسالَتكَ بهدوءٍ لغصنِ الياسمين الَّذي سيمنحكَ عطرَهُ الصَّباحيَّ وتمنحَهُ رشفة حياة .....