الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

حذارِ... أرض النخيل أكبر من أنانياتكم!

المصدر: النهار - محمد عبدالله فضل الله - أكاديمي وحوزوي
إن السياسة فن إدارة أمور الدولة داخلياً وخارجياً وفهم متغيرات الواقع فهماً دقيقاً
إن السياسة فن إدارة أمور الدولة داخلياً وخارجياً وفهم متغيرات الواقع فهماً دقيقاً
A+ A-
إن السياسة فن إدارة أمور الدولة داخلياً وخارجياً وفهم متغيرات الواقع فهماً دقيقاً، وعكس ذلك هو التخبط والقصور وفتح الباب أمام الجهلة والتجار لصنع القرار. من هنا فإن التنبه والحذر والوعي مفردات لا بد أن يتقنها العراقي على مساحة الأحزاب المتصارعة سياسيًا والتي لا تتورع عن استحضار التأييد الدولي للحصول على مكتسبات هنا أو هناك؟
إن اللحظة السياسية والتاريخية دقيقة وحساسة ومفصلية اليوم في تاريخ العراق الحديث لأنه بقدر ما تكون الأحزاب والمكونات العراقية وطنية وسيادية ومؤكدة لروح الإنتماء الوطني ولهوية العراق الحضارية، فإن الخسائر وارتدادات التدخلات الدولية وتحديداً الأميركية ستكون أخف وطأة في ترجماتها العملية أمنياً وعلى مستوى الاستقرار السياسي والاقتصادي، فلا مكان اليوم ولا وقت لدوغمائيي السياسة والدين المتلاعبين بالتاريخ والمصير.
فالشعب العراقي الصابر والمضحي قد تحمل ويتحمل الكثير وهو جدير بأن يكتب تاريخه أناس متحرورن من الحسابات الضيقة والمصالح الفئوية، إذ تتمظهر الهوية الوطنية أكثر بعيداً عن التدخلات الخارجية وعند كل مفترق ومفصل استراتيجي للدول كما يحصل اليوم في الحوار الأميركي العراقي حول الوجود الأميركي في هذا البلد الذي مزقته الصراعات والتدخلات ويأمل مواطنوه في الحصول على فسحة من الفضاء الحر الذي يعيد البلد إلى سابق مجده وحضوره المـتألق عالمياً.
أميركياً، فإن الولايات المتحدة بطبيعة الحال لن تترك وجودها في العراق بل ستعززه وإن كان تحت مسميات مختلفة " تقديم استشارات أمنية وتدريب ومواجهة عودة داعش وغير ذلك".. فليست كريمة إلى هذا الحد كي تتخلى عن الإمساك بمفاتيح المنطقة خاصة ما يمثله العراق من موقع جيوسياسي مؤثر في ملفات كثيرة ومفتوحة، فإلادارة الإميركية تريد اليوم تعويم نفسها كمساعد وأم حنونة للعراقيين، ولكن عينها على إبقاء ثقلها السياسي والاقتصادي الذي يعيد رسم الخارطة السياسية بما يتناسب مع مصالحها وتقريب العراق من جارته السعودية وتخليصه شيئاً فشيئاً من التأثير الإيراني، وهم لا يريدون تشويه صورتهم داخلياً وشعبياً أمام الجمهوريين المطالبين بتقوية النفوذ الأميركي في العراق بوصفه من مقتضيات الأمن القومي الذي تزعزعه إدارة بايدن الجديدة، ويعارض العديد من الجمهوريين أيضا إلغاء تفويض الحرب لعام 2002، بحجّة أنّه "لا ينبغي تقييد يدَي الرئيس، في وقت تتعرّض فيه القوّات الأميركية للهجوم في العراق من قِبَل الميليشيات المدعومة من إيران.
أما الإيرانيون فهم يدفعون باتجاه الخروج الكلي للمحتل الأميركي وعينهم أيضًا على تأكيد حضورهم ومصالحهم وتعزيزها أكثر.
إن تفادي تدهور الأمور إلى الأسوأ في هذا الصيف الملتهب عراقياً يعود إلى وعي القيادات العراقية ومرجعياتهم الدينية والسياسية في تجنيب البلاد الضغوطات من هنا وهناك وإبعاد الشارع العراقي عن التوترات، وهذا يبدو صعباً ولكنه ليس مستحيلاً إن توافرت النوايا المخلصة والإرادات الجدية في بناء حزام أمان سياسي واجتماعي مطلوب وضروري الآن، وبهذا الظرف العصيب تحديدًا لأنه يرسم وجه العراق في السنوات المقبلة، فما ينفع العراقيين هو وحدتهم الوطنية وتمتين أواصر اللحمة الداخلية والتأسيس لحوار وطني جاد وشامل يؤكد الثوابت الوطنية، وليس استحضار الدعم الخارجي من هنا أو هناك لتقوية مكانته وموقعه.
في ظلّ اقتراب موعد الانتخابات المبكرة المقرّرة في العاشر من تشرين الأول المقبل يأتي دور المخلصين والحكماء في إبعاد الساحة العراقية عن الصدامات الحادة بوجه خاص في ظل الهواجس من الجميع أميركياً وعراقياً وإيرانياً.
إن التعويل اليوم على كوادر ووجوه العراق المخلصة من جميع الطوائف والمكونات كي تقوم بدورها المسؤول في حماية حاضر العراق من رياح الخارج والداخل ومن كل الأنانيات التي تؤذي أرض النخيل التي هي أكبر من كل ذلك وتحتاج إلى أناس يحملون مشروعاً واضحاً وخالصاً في خدمة العراق وشعبه ويكون على مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها ولا يزال هذا الشعب المعطاء.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم