هبة في قلبينا

حينما نفكّر بنمط عادٍ في أمور مبنية على الإيمان والحب، نفقد قيمتها، ويصبح كلامنا عليها مألوفاً، وتفكيرنا فيها باهتاً رتيباً، فلا نستطيع أن نراها في قلوبنا مهما فعلنا. لكن ما بيننا يتخطّى كلّ عقول البشر وأفئدتهم لأنّه من السماء.
رابطنا ليس نفسياً فقط بل حياة نعيشها في كلّ لحظة، وننثر نوره بإيمان في الأعماق المظلمة، ونرتوي منه لنكون أقوياء فلا ننكسر لعادات المجتمع الخاطئة وتقاليده البالية. روحنا ولدت في معبدها، ونور السماء غمرها وحضنها برداء البراءة، والنقاء، والطفولة. تعمّدت بالإيمان والحكمة، فنما ما بيننا حبّ طاهر عظيم ثم أصبح مكلّلاً بنار لا تحرق، بل تدفئ القلوب المنكسرة، وتمحو كلّ آثام البشر وشهواتهم.
هذا الحدث في لبّ الحقيقة، ولكن لا يدركه إلا أصحاب البصيرة الطيبة والعقول النيرة، والرابط عطية نادرة وليس ملكاً لنا. يقطن في أعماقنا، ينمو معنا، ويبقى أمانة للسماء. علينا المحافظة عليه إلى أن نعود أدراجنا. إنّه درب أهدانا إيّاه الله، ونحن اخترنا أن نسير به على وعد مقدّس ووصايا حفرناها معاً على قمم مبادئ عمرنا كما بعث لنا بملاك يرافقنا يرشدنا ويساعدنا على فهم محبة السيدة العذراء وحمايتها لنا من عواصف هذا المجتمع ورياح جهله ونزواته لنكون رسل الحبّ الوجدانيّ الطاهر والرجاء الساطع الذي يلوّن القلوب بالإنسانية والمحبة.
مثلما منح الله العالم القداسة للبشر، قلّة منهم تحضنها وترعاها في أعماقها؛ وكما يهب نعمة الإبداع للكثيرين والنادرين، وقلة تربّيها وتنمّيها لتكون ذا فائدة على الأرض، هكذا رابط روحنا هو عطية قلَ نظيرها في الكون، فسكنت قلبينا لتكون ناراً ونوراً للأرواح الطيبة الغارقة في اليأس والظلام...