"تمّ إجلاء آخر جندي إسرائيليّ عن الأراضي اللبنانية". 25 أيّار 2000 تاريخ مطبوع في آذان اللبنانيين عموماً وأهالي الجنوب خصوصاً. هذا التاريخ كان مدوياً ودموياً، ففيه رفعت المقاومة شعار الصمت وقررت خوض معركة لطرد ما يسمّى العدوّ عن الأراضي اللبنانية. وخاضت انتفاضات عدّة ليتكلل آخرها بالنجاح، واستطاعت في ذلك اليوم أن ترقص نساء لبنان على وقع زغاريد الابتهاج، وتقرع أجراس الكنائس وتصدح بالمآذن والتكبيرات فرحاً بطرد "العدوّ" من معظم الأراضي الجنوبية وتحريرها.
صراع يمتدّ منذ النكبة الفلسطينية عام 1948، شعبان يناضلان من أجل استعادة أرضهم. ففلسطين المنكوبة تحت طيّات الاحتلال، والجنوب الّذي كان محتلاً ولا يزال جزء منه مسلوب، يناضلان من أجل تحقيق التحرير. مقاومة كانت منذ 25 أيار2000 حتّى 25 أيّار 2023، تذكّر "العدو" بقدراتها على استرجاع ممتلكات خاصة، وذلك عبر مناورات جرت يوم الأحد 21 أيّار في مليتا الجنوبية حيث رفع علم "حزب الله" بدل علم إسرائيل للتشديد على جهودهم ورفضهم للتطبيع مع الاحتلال.
"ظلم وجشع" إسرائيل أودى بشعبين إلى الهلاك، فدماء هدرت وقلوب نزفت أولادها وعيالها من أجل التحرير. ذلك اليوم مطبوع بالذاكرة الفردية والجماعية لشعب كلّفه التحرير أرواحَ أبرياء ذنبها أنّها ولدت لتعيش الحرية. جبلت تراب الأرض بدموع الأهالي وإجلاء كلّل بنعوش ترقص على وقع أصوات القذائف والأجراس الممزوجة فرحاً وحزناً. 20 أيّار، مهما توالت الذكريات وتعدّدت مضامينها سيبقى ذكرى حرقة وفرحة في آن، فمن فرح بالجلاء خسر روحاً.
وكما قال الشاعر محمود درويش لمحبوبته المنكوبة فلسطين ولكلّ بلد محتل: "ستنتهي الحرب ويتصافح القادة وتبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب وأولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل. لا أعلم من باع الوطن ولكنّي رأيت من دفع الثمن".