الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

المياه الجوفية اللبنانية: حل جذري لأزمة المياه

المصدر: النهار - نعمت كريدلي
حل جذري لأزمة المياه
حل جذري لأزمة المياه
A+ A-
يعاني لبنان حاليا من أزمات متنوعة ومنها أزمة المياه المرتبطة بأزمة الطاقة نتيجة السياسات الترقيعية في لبنان. منذ عقود تم العمل على تغييب دور وأهمية الثروة المائية الحقيقية التي تتمثل بالمياه الجوفية في لبنان وتركيز دور الوزارات والمؤسسات المعنية كالطاقة ومجلس الإنماء والإعمار على بناء السدود العشوائية عوضاً عن استثمار المياه الجوفية والتعاون مع وزارة التربية والتعليم والجامعات في لبنان لتطوير تعليم الجيولوجيا في المدارس والجامعات وخاصة الهيدروجيولوجيا نظراً لكون لبنان بلداً غنياً بالمياه الجوفية.
تكبدت خزينة الدولة جراء صفقات السدود الفاشلة حوالي ملياري دولار بشكل مباشر ومليارات الدولارات بشكل غير مباشر بسبب قطع مساحات شاسعة من الأشجار وتغيير الطبيعة الجغرافية والمساهمة في زيادة نسبة التلوث والأمراض وتعطيل السياحة البيئية وإنجراف التربة والقضاء على التنوع البيولوجي في بعض المناطق التي بنيت فيها السدود. ناهيك عن غياب خطة بيئية شاملة لحل مشكلة تلوث الأنهار والمياه السطحية في مختلف المناطق اللبنانية.
يؤكد الخبير الهيدروجيولوجي الدكتور سمير زعاطيطي على أهمية دعم اختصاص الجيولوجيا المتعلقة بأرض لبنان في الجامعات اللبنانية نظراً لوجود نقص كبير في المختصين في هذا المجال تحديداً. الطلاب في لبنان يدرسون جيولوجيا العالم ولا يتعمقون بشكل تطبيقي ونظري في جيولوجيا بلدهم الغني بالمياه الجوفية والصخور الكربوناتية القاسية المشققة والتي تشكل مخازن كارستية تحتوي في لبنان على 3 مليارات متر مكعب مياه جوفية متجددة سنوياً في لبنان بحسب الدكتور زعاطيطي. هذه الثروة المائية المحمية بشكل طبيعي من الصخور تشكل حلاً أقل تكلفة مادية وصحية وبيئية من السدود، وتخلق فرص عمل للخريجين المختصين. وفي سياق الحديث عن الخطوات العملية للبدء في حل أزمة المياه في لبنان، يرى الدكتور زعاطيطي ضرورة إنشاء شبكات صرف صحي ومعالجات محلية للمياه لحماية مصادر مياهنا السطحية من التلوث الكيميائي بمواد خطرة تلقى في مجاري المياه ومن التلوث الجرثومي. إضافة إلى ذلك، يطرح الخبير الهيدروجيولوجي على الوزارات المعنية خطة عملية للاستفادة سريعاً من المخزون الجوفي تتلخص بإنشاء مجلس أعلى للثروة المائية يضم خيرة العلماء والخبراء العاملين على الأرض والمستقلين عن السياسيين والمتعهدين ومن مهام هذا المجلس التدقيق بكل المشاريع التي تطال ثروتنا المائية والتخطيط لمستقبل السياسات المناسبة لسد الحاجات للمياه وإيصالها إلى كل بيت لبناني من جهة ومعالجة المياه المبتذلة الخارجة من كل بيت، مزرعة، قرية، مصنع، ومعالجتها محلياً لتصبح مياهاً صالحة للري قبل رميها في الطبيعة.
نعم، المياه الجوفية في لبنان ثروة قابلة للتجدد وكنز طبيعي مدفون ينتظر أيدي خبراء وعلماء لم تتلوث بإمضاءات الصفقات السياسية بعد. باتت سياسات الترقيع وجها من أوجه الفساد المقنع وأصبحت الحلول الجذرية ارتواء لوطن ظمآن ينادي ما فوق أرضه بتقدير قيمة ما تحتها!


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم