الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

السبيل الى قصر بعبدا مغروس بالصعاب، فمن سيذلّلها لتجنّب بقاء العلم منكّساً؟

المصدر: النهار - تمجيد قبيسي
يدور في فلك ملفّ رئاسة الجمهورية تقلبات عديدة، منها وضع حلول وهمية
يدور في فلك ملفّ رئاسة الجمهورية تقلبات عديدة، منها وضع حلول وهمية
A+ A-
يدور في فلك ملفّ رئاسة الجمهورية تقلبات عديدة، منها وضع حلول وهمية، ومنها رسم معادلات تشوّش ذهن الرأي العام لتمرير فترة الفراغ الرئاسي مرور الكرام، بأسماء لن ترى النور من شرفة قصر بعبدا، وكلّ منغمس في هذه اللعبة يلعب في جبهة خالية من الحلول منتظراً دخول اللاعبين الأساسيين أرض الملعب، فمتى سيفرش طريق قصر بعبدا بالسجاد الأحمر لاستقبال الرئيس الجديد؟
أقطاب اللعبة السياسية في الملعب اللبناني اليوم تتمثل بالولايات المتحدة الأميركية من جهة، و"حزب الله" وتفويض ايراني كامل من جهة اخرى، فحسم مجريات اللقاء في ايديهم، وكل داخلٍ غيرهما يعتبر دخيلًا، بغضّ النظر عمّا يبثّ على الاعلام، فالرئيس يولد من خلف الستار لا من فوق الطاولة المستديرة، أمّا الاجتماعات واللقاءات التي تعقد وتحمل بجعبتها تسويات ومعادلات وتنازلات من كلّ قطب عبر وساطة السعودية وفرنسا، هي من تصنع الرئيس الجدّي، أمّا المرشّح الطبيعي فلا محلّ له من الإعراب إلّا على ورقة الاقتراع في المجلس النيابيّ، وتحديداً في الجلسات التي نشهدها في الأيام الراهنة.
كما أضافت أوساط مطلعة بأنّ خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخير كان عبارة عن رفع سقف المطالب وهذا ما أكّده رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بشكل غير مباشر في حديثه بأنّ "حزب الله" يريد رئيسًا من 8 آذار، "فما هو الردّ الأميركي؟
في سياق الحلول والاحتمالات للوصول إلى رئيس توافقيّ يتوافر سيناريوهات عديدة، فخيّم على أجواء المفاوضات موضوع مفاصل الدولة التي تعدّ من أهمّ المراكز الحساسة في الدولة، فعلى سبيل المثال يمكن ترشيح اسم من الطرف الأميركي لا يوافق عليه "حزب الله" مقابل تقديم مقاعد حساسة في مفاصل الدولة كالمجلس الأعلى للقضاء أو حاكمية المصرف المركزي، أو يمكن تقديم مقاعد وزارية بمعنى الثلث المعطل، وتتطابق هذه التنازلات على اسم قائد الجيش جوزيف عون الذي يعارضه ضمنياً "حزب الله" دون إدلاء موقفه منه بشكل علني تجنباً للإصرار عليه، ودخولاً في عمق الأسماء، يُتداول اسم سليمان فرنجية داخل أروقة الثنائي الشيعي مع توافق للتقدمي الاشتراكي يُترجم عند جلسة الانتخاب، وإن فرضنا سير "التيّار الوطنيّ الحرّ" بهذا الخيار على قدم وساق، فهذا لا يؤمّن النصاب، ما يؤكد انّ التفاهم والحوار ضروري، وحتى لو تم انتخاب فرنجية دون توافق من كامل الجهات اللبنانية المؤثرة، فسيواجه الأخير ما واجهه الرئيس السابق ميشال عون في عهده، وهذا ما يعلمه "حزب الله" علم اليقين، فرئيس من جهة واحدة تجربة فاشلة أودت بالبلاد الى جهنّم، باعتبار المعادلات الدولية أقوى من التحالفات الوطنية، أمّا اسم ميشال معوّض فهو لتمرير الوقت نظراً لعدم توسيع دائرة اللعب في الوقت الحالي.
وفي الإطار نفسه يمكن ان تنادي كرسي بعبدا لرئيس لم نسمع به سابقاً، أي رئيسٍ تتوافر فيه مطالب "حزب الله" من جهة وطموحات أميركا من جهة اخرى، او اسم يرضي الطرفين ويكون "شعرة معاوية" بين اميركا و"حزب الله"، كالوزير السابق زياد بارود الذي تعتبر علاقته قوية بأميركا ويمكن ضمان "التيّار الوطنيّ الحرّ" للسير قدماً فيه، مع تقديم ضمانات لـ"حزب الله" بشأن الملفات الرئيسية.
أمّا على صعيدٍ أوسع ويشمل كلّ الاستحقاقات، فقد شدّد البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على ضرورة عقد مؤتمر تأسيسي جديد كحلّ لأزمات لبنان، وخصوصاً أزمة رئاسة الجمهورية، كلام الراعي يدل على تشرذم الآراء حول اتفاق الطائف، منهم من يؤيّده، ومنهم من يضع الفيتو عليه، ومنهم من يطالب بتعديله ممّا يلقى معارضة سعودية كون الطائف قد أعطى الطائفة السنية أكبر الصلاحيات، ومن هذا المنطلق فقد شهدنا مبارزة من الرئيس السابق ميشال عون لاسترجاع حقوق المسيحيين، ما لاقى بناء حائط اسمنتي مقابله من صقور الطائف الذي نسف حقوق المسيحيين وأصبح موقع رئاسة الجمهورية موقعًا شبه رمزيّ ومكرّسًا للمذهب الماروني، مع تناسي المذاهب المسيحية الأخرى كالمذهب الأرثوذكسيّ الذي يشكل نسبة 9 في المئة من اللبنانيين، وهذا ما تناوله نائب رئيس مجلس النواب الياس ابو صعب في المجلس النيابي، مشيراً الى عدم وجود نص دستوري يتناول تكريس منصب رئيس الجمهورية الى المذهب الماروني حصرًا، فهل سنشهد تعديلاً على الاتفاق العرفي؟
الصراعات التي نشهدها في كلّ استحقاق تندرج نسبياً في سياق ترتيب أولويات الدول لتحصيل مكاسب على صعيد الداخل أو ضمان هدوء هذه الجبهة، وملف رئاسة الجمهورية يُحلّ عبر تسوية خارجية لا غير، في ظلّ عدم التوافق الداخلي، فكأنّ ميشال شيحا كان يحاضر حالة لبنان الحالية عندما قال "يا سادة هذا دستور لبنان المكتوب أمّا الدستور الحقيقي غير المكتوب فهو انّ لبنان لا يحكم الى بتسويات وأنصاف الحلول"، فهل سيكون هذا الملفّ على سلّم الأولويات، أم انّه ليس على جدول الاعمال في الوقت الحالي؟ لنرى ما الذي سيخرج من خلف الستار ويترجم على كرسي بعبدا.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم