علّمتني الحياة

علّمتني الحياة أنّ العُمرَ لا يُقاس بعدد السنوات ولا حتّى بعدد الأيّام، فالعُمر يقاسُ بنسبة النُضج والقدرة على السّيرِ قدُماً مهما عصفَ بكَ القدر.
علّمتني الحياة أنّ الصداقة لا تُقاس بالسنوات ولا بالمسافات، بل تُقاسُ بالمواقف بعيداً عن كلّ المصالِح. لأنّ مَن يدّعي محبّتك سيبيعُك عندَ الفرصة الأولى، ومن يحبّك فعلاً سيبيعُ الدنيا من أجلِك!
علّمتني الحياة أنّ الصّلاة لا تقاس بعدد المرّات التي تزور فيها الكنيسة أو أيّ مكان مقدّس، بل تُقاس بعدد المرّات التي تسجدُ فيها خاشِعاً ساكتاً مُستمِعاً إلى همسات اللّه في أذنيك.
علّمتني الحياة أنّ الأموال لا تشتري السعادة ولا حتّى راحة البال، بل تُقاس بالسلام الداخليّ المزروع في أعماق القلوب.
علّمتني الحياة أنّ النجاح لا يُقاس بعدد المرّات التي يبتسم فيها الحظّ لك، بل يُقاس بعدد المرّات التي تسقط فيها وتعود لتنهض مصمّماً على المُتابعة بهدف الوصول إلى حيثُ تريد.
علّمتني الحياة أنّ العائلة لا تُقاس بعدد الأفراد الذين يدّعون صلة القرابة، بل تُقاس بمن يحبّونك من دون مصلحة، بمن يتحدّون العالم معك مهما اشتدّت الصعاب، بمن يزرعون الدفء في قلبك مهما عصفت الرياح.
علّمتني الحياة أنّ البُكاء ليسَ ضعفاً، والعدائيّة ليست قوّةً. فكم من مرّة كانت تلك الدمعة الصادقة الحارِقة أبلغ من ألف كلمة وكلمة.
علّمتني الحياة أن أزرع الفرح في كلّ مكان، مهما كان الألم كبيراً والحزن عميقاً.
علّمتني الحياة أن أسامِح من دون أن أنسى الدرس لأنني أستحقّ العيش بسلام.
علّمتني الحياة أن أبتسم في كلّ مرّة كان عليّ أن أبكي فيها، لأنّني أعلم أنّ ربّي قادر على كلّ شيء.
علّمتني الحياة أن أنسحب بصمتٍ مهما علَت الأصوات وصدَحت الأبواق.
علّمتني الحياة أن أمشي وإن مُتأرجحة على حبل الجنون، وأترُك للمغامرات بصمةً لكسر الجمود.
علّمتني الحياة ألّا أُضحّي بأعزّ ما هو على قلبي مهما كلّفني الأمر.
علّمتني الحياة أنّ المبادئ لا يُمكن أن أساوِم عليها مهما أرهقني الوضع.
علّمتني الحياة أنّ الوفاء لا يُمكن أن أتخلّى عنه مهما كلّفني الثمن.
علّمتني الحياة أنّ أجمل لحظة تكون حينما يُهدي إليك اللّه إنساناً يفهم صمتَك، وقلباً يُداعِبُ روحَك، وكتِفاً تُداوي وجعَك.
أخيراً...
علّمتني الحياة أنّ أصعَب دروسها كالجمرِ الحارِق، وأجمل فُرصِها كالعُمرِ الهارِب.