جواز سفر

يبدو أنهم أسياد المال لايقبلون بغير المال بديلاً عن علاقاتهم المختلفة والمتشعّبة؛ ومصالحهم في الدرجة الأولى هي على حساب مصالح أولئك الذين هم أقلّ شأناً منهم.
ويبدو أنه المال والاقتصاد هو محرّك وعصب السياسة في الوقت الراهن. وحياة الشعوب ليست مهمّة بقدر حياة أصحاب النفوذ والسطوة، فقد يعتبرهم البعض تجارة رابحة لهم، خاصّة أولئك المتنفّذين في سياسات أغلب الدول المالية والتجار وأصحاب الثروة.
عندما كنا صغاراً، حين كنّا نذهب إلى المدرسة، كانت هناك كلمة متداولة كثيراً في تلك الأيام باللهجة العامية هي: "المال زبالة الدنيا".
هذا ما زرعه أصحاب الثروة في نفوسنا وأذهاننا حتى أصبحنا نراه في أحلامنا. لكننا عندما كبرنا، تبيّن لنا أن العكس هو الصحيح، وليتبيّن لنا لاحقاً أن المال هو الشيء الرئيسيّ والأساسيّ في هذا العالم المادي؛ فلا يستطيع أحد أن يحصل على قوته اليومي إلا بالمال، ولايستطيع التداول إلا بالمال، ولايستطيع العيش بكرامة إلا بوجود المال بين يديه.
لكن المال تحتكره الطبقة الأرستقراطية الحاكمة، وهي محكمة قبضتها عليه، ولايستطيع أيّ شخص عابر الحصول على المال إلا بأمر منها، وبموافقة تلك الطبقة. والمعضلة الكبرى أن موارد أغلب البلدان كبيرة وضخمة؛ فكل دولة من دول العالم تشتهر بنوع معيّن واحد أو أكثر من تلك الثروات المختلفة عن الدول الأخرى. ولكن المال المنتج من استثمار تلك الثروة دائماً تحتكره فئة معيّنة، ولاتسمح لغيرها بالتحكّم فيه؛ ولو وزّع هذا المال بشكل عادل بين الناس لانتهى الفقر، ولانتهت الجريمة، وكان هذا سيسمح بالتطوّر بشكل أسرع من المعتاد. لكن تركّز الثروة في أيدي فئة قليلة من الناس جعل الأغلبية العظمى من الناس فقراء، يهاجرون عبر جوازات سفر إلى دول أخرى عابرين البحار والوديان لكسب عيشهم وتحسين حالتهم المعيشية.