الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

صراع التربية بين القيم والتكنولوجيا

المصدر: النهار - نورهان البطريق - مصر
إن الشخص القائم على تربية نشء يكاد يشهد صراعاً داخلياً ينهش نفسه يومياً
إن الشخص القائم على تربية نشء يكاد يشهد صراعاً داخلياً ينهش نفسه يومياً
A+ A-
إن الشخص القائم على تربية نشء يكاد يشهد صراعاً داخلياً ينهش نفسه يومياً، بين ما تربّى عليه من قيم ومبادئ، وبين ما يشهده من سرعة وانفتاح تفرضه عليه وسائل التواصل الاجتماعي.
إن الطفل الذي اعتاد على سماع كلمة "حرام" قبل "عيب" في سنوات عمره الأولى يعاني كثيراً لا سيّما في مرحلة المراهقة، لأن الحياة ستجبره بحكم تعاملاته اليومية على مخالطة بعض الأشخاص، سيُطلق عليهم في ما بعد كلمة (أصدقاء)، سيبدّلون قناعاته من هذا "حرام" إلى هذا "مباح"؛ سيدفعون به نحو الهاوية تحت مسمّى "نحن شباب"، ما زلنا في سن مبكرة، سنتوب عندما نكبر. وهنا، تنقلب المفاهيم رأساً على عقب، وستصبح الأسرة مخطئة، وسيغدو رفقاء السوء على صواب.. وهنا يبلغ الصراع أشدّه. هل ستنجح الأسرة في أن تعيده إلى رشده أم سينجرف وراء التيّار من دون رجعة.
كيف سيتعامل الابن الذي تربّى على ممارسة الرياضة وتنمية هواياته مع ولد من أترابه، مع الفارق أن الثاني قد آثر أن تتجسّد مكافأته في الحصول على هاتف نقّال، يقضي عليه أكثر من نصف يومه، من دون أن يعبأ بما يدور حوله؟
ويبقى السؤال: مَن الذي أساء إلى الآخر؟ هل الأب الذي قرّر أن يدعم ابنه من خلال أن يتركه يستكشف عالمه ويستمتع بوقته، أم من تخلّف ابنه عن مواكبة التكنولوجيا؟ !
المجتمع صار مخيفاً، والبيوت لم يعد في استطاعتها الصمود أمام هذا الكمّ الهائل من الانحدار والانحطاط. فلا يجوز أن يضمّ بيتاً كبيراً على شقّتين، تجد أصحاب الأولى لا يدّخرون جهداً في تربية أبنائهم، ويصرّون على اتّباع أسس التربية السليمة، بينما أصحاب الأخرى لا يدّخرون جهداً أيضاً في كسب المال وتحقيق الرفاهية، وكأن المال هو المنوط به بصنع الرجال من دون الحاجة إلى توجيه أو إرشاد.
وفي النهاية سيتقابل نتاج ثمرة كلّ منهما في ردهة البناية، وسيتحدّثان سوياً، ولا أدري إن كان الأول سيظلّ متمسّكاً بقناعاته أم ستهدمها المغريات المادية التي سيقدّمها الآخر له؟
لا نملك لأبنائنا سوى أن نحاول معهم مراراً وتكراراً، وألّا نملّ من تصحيح المفاهيم بعد كلّ انتكاسة، وأن نسعى إلى استقامتهم آملين في أن يصلوا إلى السنّ التي تجعلهم قادرين على الثبات على مواقفهم، وأن ينحازوا إلى الاستقامة مهما حملت الكفّة الأخرى من مغريات!
صرنا في زمن يجبرنا على إرساء قواعد قوية حتى نبني شخصاً قوياً يأبى الانهزام، ولا يكترث لعبث الحياة ولهوها.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم