الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

انصفوا القضاة كي تستطيع أن تنصفنا العدالة

المصدر: النهار - أميرة سكر
نصفوا القضاة كي تستطيع أن تنصفنا العدالة
نصفوا القضاة كي تستطيع أن تنصفنا العدالة
A+ A-
في حصة محو الأمية للقاصرات داخل مركز المبادرة في ضهر الباشق للقاصرات، وهو مركز لحجز الحرية، وأثناء شرح درس الأضداد والمرادفات، طلبت من الفتيات إعطائي أمثلة عن الأضداد، على مثال طويل قصير، صغير كبير ... الخ
رفعت يدها بثقة عالية وقالت: أنا أستطيع أن أعطيك مثالاً عن الأضداد.
قلت لها: تفضلي.
قالت لي: سجين وحر.
أحسست بالصاعقة وحجم المأساة التي تمر بها الفتيات في مركز التوقيف، وفكرت: ماذا يمكن ان أقدم لهن ونحن نعيش اعتكاف القضاة في سابقة لم يشهدها القضاء سابقاً، القضاء الذي عليه أن ينصف البشر يعاني من أفئدة من حجر وآذان من صوان. القضاء الذي أصبح اليوم ضحية لنظام اقتصادي منهار انعكست مفاعيله على كل القطاعات وأصابت القضاء.
لا شك أننا جميعاً كنا مخدرين منهكين متعبين مأخوذين بكل ما حولنا دون أن يحول ذلك من أن نتدخل لنسأل أنفسنا هل نحن على حق وهل ما يحدث في وطننا حقيقي وعلى حق، أم أن ما يحدث هو غوغاء وفوضى .
كانت إجابتها العميقة أول إجابة من نوعها خلال مسيرتي التربوية. فلم يسبق لي أن سمعت هذه الإجابة من اي متعلم في كنف المدرسة. أتتني كالصاعقة في أروقة مزاجي فأنهكتني من أصولي حتى كياني. "بكل بساطة وانسياب وأسى وحزن لمع في عينيها وقالت سجين وحر".
نحن لا نفكر في مصائب غيرنا لأنها ليست على سلم أولوياتنا إنما نعتقد أنه وطالما كانت المشكلة بعيدة عنا فهي لن تعنينا ولن نتأثر بها. وأتذكر قصة الثور والأسد عندما قال له الأسد: أُكلتَ عندما أُكلَ الثور الأبيض.
وهذا ما أصابنا جميعاً. أكلنا عندما أصيب القضاء وأنهكنا عندما أنهكت العدالة.
القضاء ينزف ويستنزف ويعاني دون أن يأبه أو تطرف عين أي مسؤول عن وضع القضاة.
النظام القضائي معقد جداً في لبنان بين قضاة التحقيق والهيئة الاتهامية وقضاة الجنايات وإخلاءات السبيل، والمعاملات القضائية تأخذ وقتاً طويلاً وجهداً عظيماً دون أن يكون القضاة معتكفين فما بالكم إن كانو كذلك!.
انصفوا القضاة كي تستطيع أن تنصفنا العدالة.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم