السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

في لبنان، 5 أيام تعادل السنوات!!

المصدر: النهار - كاتيا سعد - فرنسا
هل يعيد التاريخ نفسه بين 2005 و2020؟
هل يعيد التاريخ نفسه بين 2005 و2020؟
A+ A-
هل يعيد التاريخ نفسه بين 2005 و2020؟ هل يشهد لبنان "زعبرة" في التوقيت بمجال التحقيق بشأن انفجار 4 آب 2020، كما قضية اغتيال رفيق الحريري؟ هل "تشطح" الـ 5 أيام إلى 15 سنة وأكثر؟ متى "رح يحسّ السياسي ع دمّو"؟ انتهى الكلام عن إجرائكم، وتحدّث الدمّ مكانه... انتهى سيناريو إعطاء الفرص، فلا ولن يغفر لكم أيّ لبناني - لبناني، وهنيئاً لكم بمن يحتفظ ببطاقة انتمائه إلى شخصكم وحزبكم.
4 آب 2020 – 9 آب 2020 – 4 آب 2021، سنة مرّت على الفاجعة التي ختمت بالشمع الأحمر صدقية الطبقة السياسية "المهزوزة" أصلاً منذ أكثر من 30 سنة. والـ 5 أيام لمحاولة الكشف عمّا جرى في مسألة نيترات الأمونيوم المخزّنة بِعلم منكم طبعاً، أصبحت سنة و"الحبل عَ الجرّار" في عدّاد الأشهر والسنين. قتلتم في اللبناني أيّ ذرّة احترام تجاهكم كإنسان؛ شرّدتم أطفالاً من أهلهم؛ حرمتم عائلات من أبنائهم؛ طمرتم حلم العودة في المغترب... جمّلتم الحقيقة بالكذب؛ كتمتم الواقع بمحاولة الـ"التطهير"؛ تجاهلتم "نعرف"، بعبارة "ما خلّونا".
 
لم نعد حتى شعباً مخدّراً، كيف؟ والمصائب تتوالى: لا كهرباء، لا مياه، لا طعام، لا دواء، لا ضمان اجتماعياً، لا تأمين، لا أمن ولا أمان. نحن ثقافة الـ "لا"، وعلى لساننا: "معقول نعيش هيك ذلّ بالقرن الـ 21"، بفضلكم نعم معقول "وأكتر من هيك". وبينما الشعب اللبناني يحتكّ بواقعه المرير، أنتم تعيشون في عالم آخر.
الدليل؟ سلسلة "استغباء" الشعب اللبناني بسيناريوهات بعيدة عن المنطق، مُنعدمة الصدقية، وفيها محاولات فاشلة في إقناع المواطن بوجهكم البريء... كفى لعباً دور الضحية، فلا هو يليق بكم، ولا نحن أغبياء لنصدّق حرفاً منه.
البداية من "الله يعين البلد"، عقب اعتذار سعد الحريري، رئيس الحكومة المكلّف، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون، عن تشكيل الحكومة. أوافقك الرأي، ولكن بالقول "الله يعين البلد عليكن... كان الوطن مرتاح، والناس عايشين بأمان الله"، ثم جئتم بأعمال وقرارات "طربقتوا الدني ع راسن". واللافت أنّ هذا الاعتذار جاء بعد 9 شهور من المشاورات، وبعد مخاض عسير، كانت الولادة "معسّرة" ومع الأسف ولِد القرار النهائي ميتاً. نعم ذكّرتني هذه الشهور التسعة بالمرأة الحامل، وأقدّم اعتذاري من المرأة التي تفعل المستحيل من أجل جنينها لتحافظ عليه وولادته بصحّة جيدة. أما حكومتنا "العزيزة" فلا تأتينا إلّا بالنكبات و"التعتير".
وقبل ذلك بأيام، يُتحفنا جبران باسيل بتغريدة قال فيها: "أكيد في ناس، ومنهم مسؤولين، عارفين بموضوع النيترات وباستعماله وسكتوا، وظلم اذا ما بيتحاكموا. بس كمان ظلم يتحاكم يلّي عرفوا وعملوا شغلهم وما سكتوا! لازم الاستماع لكل المطلوبين، يلّي مذنب ومرتكب بيتوقّف وبيتحاكم، ويلّي بريء وعامل شغلو بينترك… هيك بتكون العدالة". جبران باسيل، قدّيس جديد من لبنان، حامل راية السلام والعدالة. يا رب أطلب السماح على هذا القول، ولكن لم أستطع أن أكبح كلامي أمام هذه التغريدة. جبران باسيل، من أعضاء "سلطة الفساد والانهيار الوطني" يحاضر في العدالة والظلم، لربما يجب ألّا أعاتبه لأنه يعيش في عالم من الإنكار ومنفصل عن الظلم الحقيقي، الذي يلامس الأرض والشعب. أدعوك لأن تنزل إلى الشارع، وإن سيكون الردّ الشعبي أكثر قساوة ممّا قد تتوقّع، من أجل معاينة الواقع الذي لا يمتّ بِصِلة إلى "العالم الذهبي" الذي تبنيه لنفسك.
يلي ذلك، خطاب آخر يتلوه محمد فهمي، وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، الذي يرفض إعادة النظر بقراره في موضوع ملاحقة اللواء عباس إبراهيم، المدير العام للأمن العام، أو حتى التراجع عنه لأنه اتخذه عن قناعة تامّة. وخلاف ذلك هو أمر غير قانوني. أوّلاً، عن أيّ حكومة تصريف أعمال نتحدّث، والأمر أنّ تراكم النكبات ينصبّ على رأس المواطن اللبناني. ثانياً، قرارك هذا يرادف عرقلة مسار التحقيق، وهو أمر غير مستغرب من الطبقة الحاكمة. ثالثاً والأهمّ، من بين كل القرارات والأقوال والأفعال غير القانونية، هل يتوقّف الأمر على قرار الملاحقة؟ أمّا في ما يتعلّق بالقناعة، فهي ساقطة، ما دامت لا تصبّ في مصلحة الوطن والشعب.
 
ألا يُدرك أيّ فرد من أفراد السلطة، أنّ حجم الكارثة فاق قدرة تحمّل لبنان بأرضه وشعبه؟ ألا يرون كيف تعرّى الوطن من ألوانه ليرتدي لون الدم، واعتلى الحزن كل أماكنه؟ ألم يحرّك ألم الأهل على أبنائهم، وأسئلة الأطفال عن أهلهم، أيّ شيء داخلكم لدرجة أن تسقطوا الحصانة بيدكم عن أنفسكم؟ ألم يشبع هؤلاء ظلماً وقهراً واستبداداً وعنفاً، ليكتسي الشعب بالأسود والأبيض: الأسود لون الحداد، والأبيض لون الأمل؟ مع العلم أنّ العديد من الشعب فَقد حاسّة الأمل.
ولكن هل تعلمون، ارتاحوا... لن نطلب منكم أيّ شيء، لأنّه لا يؤمن أحد بقدراتكم. وحدها المعجزة الإلهية التي ستنقذنا، وكونوا على ثقة بأنّ من يُقهر بفضلكم، ومن مات وسيموت بسبب استهتاركم، هو شاهد حيّ أنّ الرحمة لا تسكن بيوتكم وضمائركم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم