الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

حتى لا نقع بأيدينا في الفخ..؟

المصدر: النهار - محمد عبدالله فضل الله
إن الفقر والحرمان المتلبس بواقعنا من أبشع ما يمكن أن يصاب بهما فرد أو مجتمع وما نعيشه
إن الفقر والحرمان المتلبس بواقعنا من أبشع ما يمكن أن يصاب بهما فرد أو مجتمع وما نعيشه
A+ A-
إن الفقر والحرمان المتلبس بواقعنا من أبشع ما يمكن أن يصاب بهما فرد أو مجتمع وما نعيشه اليوم هو إمعان في تأكيد الحرمان والفقر وقتل للروح والنفس وسلب الناس أية فرصة للنهوض إنه الكفر أليس رسول الإسلام من يقول : " كاد الفقر أن يكون كفرا". وهذا الإمام علي أيضًا يقول :" الفقر الموت الأكبر".
وهذا السيد المسيح يقول: "ليس من الحق أن يُهان الفقير العاقل، ولا مِن اللائق أن يُكرَم الرجل الخاطئ" (سفر يشوع بن سيراخ 10: 26).
المشكلة أن الجميع أسرتهم الأنانيات حتى تخلوا عن لحظة تنبه ووعي سياسي يتمردون فيها على كل المقيدات المصطنعة التي أريد منها أن تكبل الحياة وتجعلها مرتهنة لألعبان السياسيين والفاسدين وسراق الوعي والضمائر وما أكثرهم! وقلما من يتجرأ على مراجعة جدية لخطابه الحزبي وتحالفاته المصلحية التي تسوس الأمور وفق مقتضيات الحكمة لا وفق مقتضيات الحسابات الظرفية التي تقتل الوعي السياسي الذي هو في النهاية إنشداد للأعلى للسلم القيمي الذي يثبت إنسانيتنا المستباحة في كل شيء، والعودة إلى الإرادة الصلبة التي تتحدى ضعف الإنسان وتحول طاقاته إلى فرص للتغيير وتأكيد الروح الإنسانية المشتركة.
ولكن السؤال من منّا يصنع وعيه في ظل ما نحياه من ضغوطات وتأثيرات من هنا وهناك وفي ظل شرق يحيا على صخب من المشاريع والألاعيب والحسابات الداخلية والخارجية؟
إن تجاربنا الفاعلة والتواقة إلى التغيير تعيقها الصورة القائمة اليوم والتي تعكس مواتًا سياسيًا لا يخرقه سوى سعي القوى المحلية صاحبة النفوذ والمحميات الطائفية والمذهبية إلى تعزيز أوضاعها محاولة إعادة تموضعها بالنظر إلى المتغيرات الإقليمية ولكن متى يتعلم هؤلاء الساسة أصحاب النفوذ والمحميات أن الوضع مختلف تماما اليوم عما كان عليه، فاليوم ثمّة أساليب جديدة من حرب ناعمة اقتصادية وعقوبات نتحسس نارها جميعا وربما تمهد كما يشاع إلى حروب إقليمية تعيد خلط الأوراق من جديد.
فتقوية الجبهة المحلية ضرورة قصوى تقتضي التخلي عن الغرور والكبرياء والاستعلاء وانتظار الخارج والبدء على التعود على صنع الحلول والتسويات من الداخل شرط أن تكون قابلة للحياة والإستمرارية وغير مشبعة بلغة الغالب والمغلوب وأن يقتنص المتبجحون بالوطنية لحظة الوعي الحاسمة وتجسيد الإحساس بالإنتماء الوطني إلى مواقف عملية مشرفة تليق بالوطن الذي قدّم لهم الكثير وبخلوا عليه حتى بأن يبقوا له رمقًا من حضور فلا مناص من توافق نابع من التصالح مع الذات وليس توافقا سلبيا يدير الخلافات وينظم تقاسم الحصص والمغانم في المواقع السياسية والإدارية على حساب قيام المؤسسات كما حصل ويحصل.
فالأزمة اليوم هي أزمة نظام مستهلك في كل شيء لم تعد تنفع معه عمليات الترقيع والتجميل لأن المشكلة هي أزمة أخلاق بالدرجة الأولى في كل البيئات السياسية والإجتماعية والثقافية والإعلامية وحتى الدينية إذ نشهد عملية تدجين سياسي وديني في مختلف هذه البيئات، فما لم تتبدل الذهنية الحاكمة فلن نصل إلى تغيير ملموس .
في ذكرى عدوان تموز العام 2006 على لبنان والذي شكل محطة فارقة في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي كشف حينه عن حجم إجرامه ووحشيته فإن المجاهدين البسطاء والشرفاء من كل الأحزاب وكذلك المدنيين المضحين كتبوا تاريخا جديدا ومفصليًا لكل الأحرار في العالم وما نود قوله في هذه المناسبة إن الجهاد فعل حضاري إنساني يهدف إلى تحقيق العزة والكرامة والعدالة والمساواة والحقوق لكل الناس وليس مجرد ترف ومتعة فليراجع أصحاب الشأن حالنا اليوم وإلى أين وصلنا من إذلال وقهر حتى ينسجموا فعلا مع قيمة الدماء والتضحيات وحتى لا نقع بأيدينا في الفخ الإسرائيلي المتفرج على أزماتنا والمتآمر مع جهات أخرى بغية إدخالنا في وصايات سياسية واقتصادية فذلك ما ننتظره منه أما نحن من جهتنا فماذا نفعل ؟
من الواجب الأخلاقي حفظ ما قدمه الوطن من تضحيات والتحلي بشيء من الحكمة والحنكة السياسية وإبتعاد الجميع عن لغة العسكرة في السياسة ومذهبتها بحدة وإلا سنكون أنفسنا من المتعاونين والمشاركين بشكل أو بآخر مع أعداء البلد والطامعين به فإن لم يحفظ البلد أبناؤه فلن يحفظه أحد.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم