لعبة السياسة!

إنها لعبةٌ خطيرة، دقيقة، جميلة، مزيّفة، يرتبط بها مصير العالم والشعوب. أمّا اللاعب فإمّا أن يتقنها بدقّة واحتراف، وإمّا أن تجرفه الرياح إلى حيث لا يشتهي فيغدو أضحوكة وأمثولة لم يخطّط لها ولم يرغب فيها.
لاعبونا بمعظمهم خطرون، شرهون، متقنون لفنون الغشّ والنفاق، وفازوا أشواطاً في النهب والتضليل.
لاعبينا يتواطؤون، يتقاتلون، يتفقون على رؤوسنا، يتبارزون، تُغريهم السلطة والاستبداد، ونبرة القائد تجعلهم يقتنعون بأنهم مجسّدو القيادة والقرار. إنهم مخطؤون، وبكراسيهم مغشوشون، وخضوع القطعان لهم ليس إلا حاجة الضعيف الذي يبيع ضميره، قراره، وعيه، والمنطق فقط لتلبية غريزة البقاء والشبع، وبالتالي يكون عرش المستبدّ في الحقيقة باطل فارغ.
والضحيّة واحد: شعب ساذج بسيط، تغريه الخطابات المزيّفة الرنّانة، وأكياس الحبوب الرخيصة، والمظاهر الخدّاعة، وصفة الزعيم الفارغ المجرم الظالم المستبدّ.
فهل ينهب هذا الشعب ويقتل من جديد، بعد كلّ ما عاشه من ذلّ وفقر ووجع؟!
هل يسلّم مصيره وحياته للجلّاد مرة جديدة فيغدو كالمريض المازوشيّ، الذي يتلذّذ بالجلد والتعذيب؟!
هل يستيقظ اللبنانيون من السبات العميق اللاواعي الذي أودى بهم إلى جهنّم النار واللهيب؟!
هل يبصرون النور ليميّزوا بين الباطل والحقّ فيمزّقوا رداء الزعيم، ويخلعوا ثوب تبعيّة أكياس الطحين، وليقلبوا المقاييس ويحدثوا صدمة العصر الجديد، صدمةً إيجابيّة تعيد إلى الواجهة اللبنانيّ المجيد، الذي خاط مستقبله من لحمه، وكتب سطور لبناننا الآتي بدماء وجعه، وبدأ مشروع دولة أبنائه من صفرٍ ومن دون خوف؟!
إنها لعبة السياسة القذرة لعبتهم، إنما لعبتنا ستكون جولة حقّ، فتجرّد، ثمّ انتصار.. نعم انتصارٌ على الظالم السارق، والسياسيّ الفاسد البارع المخادع الذي سوف نمزّق أوراقه، نكشف لعبته، ونرميه لقدرٍ بجدٍّ يحاسب..
أمّا الأذكياء الحكماء الذين لن يخطؤوا مرّتين، فقد يسامحهم الدّهر، ويعطيهم فرصة حياة وفرصة وجود!
فالسياسة لعبةٌ، هنيئاً لمن يتقنها من دون بيع الضمير وتسليم روحه لشيطان المادّة والأمان.