الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"تصبح عَ خير يا وطن"

المصدر: النهار - جومانا مخايل رعيدي
بالأمس القريب كنّا نعيش، بالأمس القريب كنّا نتنفس، بالأمس القريب كنّا نحلم.
بالأمس القريب كنّا نعيش، بالأمس القريب كنّا نتنفس، بالأمس القريب كنّا نحلم.
A+ A-
بالأمس القريب كنّا نعيش، بالأمس القريب كنّا نتنفس، بالأمس القريب كنّا نحلم.
كنّا نحلم ماذا سنفعل بالغد. كنّا نحلم كيف سيكون مستقبلنا. كنّا نحلم ونخطّط، وعند الصباح ننهض لنحقق الحلم.
كنّا نحلم بالسفر، فتسارع العائلة لجمع الأموال من المدّخرات، والشباب من مصاريفهم الخاصة لتأمين مصاريف الرحلة بفرح وغبطة.
كنا نحلم بشراء الشقق والسيارات والأراضي، فتسارع العائلة لتأمين أحلام العمر.
كنّا نحلم بالأعراس وشراء الفساتين الجميلة وتأمين كلّ مستلزمات العرس، ليكون العرسان في أفضل حلّة ونسعى لتحقيق الحلم.
هذا كلّه بالأمس القريب والقريب جداً، نحلم لنستيقظ ونحقق الحلم.
أمّا اليوم لا حلم، لا حياة، لا وجود، لا كيان، لا وطن. حكومة مستقيلة لا تريد العمل، ولا تسعى للعمل. وزير اقتصاد لا يأبه لما يوجد في السوبرماركت، حيث لا أصناف ولا مواد غذائية جيّدة النوعية، ولا حسيب أو رقيب للأسعار المتزايدة بالارتفاع مع ارتفاع الدولار من دون أن تهبط مع هبوطه.
وزير صحة يخبرنا بإنجازاته والمستشفيات تصرخ وتنادي طلباً لحاجاتها للمستلزمات الطبية.
وزيرة عدل صامتة وأهالي ضحايا المرفأ ينتظرون العدالة.
وزيرة دفاع لا تعلم ما لحق بالعسكريين والأمنيين وبأوضاعهم المادية بسبب انخفاض رواتبهم، فأصبح الهاجس الأبرز كيف يستطيع الجندي إنهاء شهره من دون استدانة... وغيرهم وغيرهم ممن يتحفوننا بالأساطير الجميلة.
أما الّلغز الأكبر والمفاجأة العظمى، فهي تشكيل الحكومة العتيدة، حيث نشهد كلّ يوم تدخّلات ومساعيَ للحل من الداخل والخارج، ومبادرات من هنا وهناك، من دون أي حلّ في الأفق. كيف يكون الحلّ إذا كان الكلّ فاسداً والكلّ يغطّي الكلّ؟ كيف يكون الحلّ إذا كنّا نعيش في غابة وحوش، وليس في وطن، وبحسب قانون الغاب فإنّ القوّي يأكل الضعيف.
كيف يكون الحلّ، وما زلنا نبحث بالثلث المعطلّ، وأن يكون لهذا الفريق 6 وزراء وذاك 7 وزراء زائداً واحداً، دون أن يكون الهدف البحث في كيفية الخروج من المأزق؟ كيف يكون الحلّ إذا كانت المنادات بحياد لبنان يعتبرها البعض جريمة، والمطالبة بمؤتمر دولي لتثبيت كيانه وموقوماته التاريخية بعد فشل الطبقة الحاكمة خيانة ودعوة للحرب؟ كيف يكون الحلّ اذا كنّا نشهد يومياً تهريباً للقمح والدواء والطحين والسلع المدعومة، فيما اللبنانيون جائعون؟ منذ 17 تشرين إلى اليوم، ونحن نعيش مع حكومة بلون واحد وفئة واحدة، ولم تتمكن من لعب أي دور أو القيام بأي إنقاذ، والفئة ذاتها لا تزال تتطالب بأكثرية الوزراء والثلث المعطلّ؟ أما آن الأوان للتفكير بحالة الشعب المزرية والتحرّك لتشكيل حكومة اختصاصين مستقلة لإنقاذ الوضع تكون قادرة على التحرّك مع دول العالم وفكّ العزلة الدولية؟
ووصولاً إلى هذا اليوم المجيد، ما زلنا ننام ونحلم، ولكن ننام ونستيقظ "على الكوابيس". ننام ونستيقظ على مآسٍ. ننام ونستيقظ على وحوش ضارية ومفترسة في ظل وطن مضمحل.
ننام ونحلم بـ"الصفورة"، وما إذا كان الدولار بـ12 أو 14 أو 15 ألف ليرة.
ننام ونحلم أن يلتقي باسيل بالحريري، والحريري بجنبلاط، وجنبلاط بعون، وعون بحعجع، وجعجع بفرنجيه.
ننام ونحلم ألا يهاجر أطباؤنا والمهندسون والأستاذة والمحامون والشباب.
ننام نحلم بانتهاء التحقيق في جريمة العصر وتحديد الجهة المسبّبة للانفجار.
ننام ونحلم بألا يتعّطل التلفزيون أو مجفّف الشعر أو المكواة أو السيارة، لأنّ الفاتورة ستكون باهظة.
ننام ونحلم بسعر الدواء وسعر كيلو اللحمة والخضروات وغيرها...
نحلم باستعادة وطننا، باستعادة لبنان البلد الأجمل والأحبّ على قلب أهله، وعلى أمل التغيير ننام ونقول "تصبح عَ خير يا وطن".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم