الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

دور المرأة في المجتمع عمل يومي

المصدر: النهار - كاتيا سعد ـ فرنسا
أوديت حلو شينو: حضن العائلة يميّز العربية من الأجنبية
أوديت حلو شينو: حضن العائلة يميّز العربية من الأجنبية
A+ A-
حتى يومنا هذا، وجدليّة المساواة بين الرجل والمرأة ما تزال قائمة. وكذلك الأمر بالنسبة إلى حقوقها وواجباتها، دورها في المجتمع، موقعها في السياسة، وغيرها من المواضيع. واليوم العالمي للمرأة هو احتفاء بها وبإنجازاتها، قبل أن يكون دعوة لتمكينها أكثر فأكثر في المجتمع. فشئنا أم أبينا، تحقّق المرأة العربية كما الأجنبية مكانةً بارزةً في العديد من المجالات، وإن غاب ذلك لدى بعض فئات المجتمع، خاصّة المجتمع العربي. وأوديت حلو شينو نموذجٌ حيّ للمرأة التي لا تصل فقط إلى ما تريده بل تلبّي النداء عندما تدعو الحاجة لذلك.
أنا امرأة في لبنان كما في فرنسا
تؤكّد أوديت حلو شينو، الاختصاصية في العلاج بالفنّ وعلاج ما بعد، وإحدى مؤسّسات الجمعية اللبنانية لضحايا الإرهاب، أنّ دور المرأة في المجتمع وتفعيله ليس مجرّد شعار فقط، إنّما هو عمل يوميّ، "يبدأ منذ لحظة ولادتها، وتربيتها على معرفة "مَن هي"، ودورها في المجتمع". وهذا هو الفرق، الذي لاحظته أوديت، ما بين المجتمع العربيّ واللبنانيّ بالتحديد والمجتمع الفرنسي، الذي تعيش فيه منذ العام 1999. هنا فهمت، خاصة بعد أن أصبح لديها عائلة، أنّ المجتمع يعطي المرأة مسؤولية كبيرة، أبعد من مسؤولية الأمومة والتربية والعمل المنزلي؛ فتقول: "في المجتمع العربي، في كثير الأحيان، البيت والتربية يصبح كفرض لدى المرأة.. ويصبح ذنباً إن فكّرت في أن يكون لديها دور اجتماعيّ وعمليّ، لدرجة تُتّهم بالتقصير في البيت. نعم، ما زلنا نستمع إلى مثل هذه السيناريوهات في عام 2022، في حين أنّ المجتمع الفرنسيّ يُشجّع المرأة منذ الصغر على الاستقلاليّة الذاتيّة وحتى الماديّة، وعلى القيام بمشاريع، في سبيل أن تبني المستقبل الذي تريده.
فأين تشعر أوديت شينو بأنّها امرأة أكثر، في لبنان أم في فرنسا، بِحكم أنها تسافر كثيراً إلى لبنان بفضل عملها الإنساني؟ "أنا أشعر أنني امرأة في المكانين". أمّا الفرق فهو أنّها تشعر في لبنان بدورها الفعّال كامرأة مجتمع، "لأنّ لبنان بحاجة إليّ أكثر (...) وأستثمر في وطني معرفتي التي أكتسبها من الخارج"؛ بينما في فرنسا تشعر أكثر بأمومتها، وتعيش دورها كزوجة، مع ممارسة كلّ متطلّبات الحياة العائليّة والعمليّة. ومع ذلك، تشير أوديت إلى أنّ المرأة الأوروبية، تفتقد "حضن العائلة" والسَند، الذي نجده لدى المرأة العربية. بمعنى آخر، "المرأة بتنترك لحالها في الخارج.. تقبّع شوكها بإيدها" بشكل أكبر.
خُلقنا، والكون كلّه لنا
صحيح أنّ المرأة في الدول العربية لديها الكثير من الامتيازات، ولكن أهمّ ما ينقصها هو الثقافة والتوعية في عمر مبكّر. وتحدّد أوديت هنا حاجة المرأة لقراءة الكتب، الاطّلاع على الآخر، وعلى ما يحدث في الكون، "وليس فقط من خلال نتفليكس، يوتيوب، وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من الوسائط التكنولوجية". فما دامت الاحتمالات متعدّدة للتثقيف، فعليها استغلالها، فهي مؤمنة بفكرة: "نحن لم نخلق في مجتمع أو منطقة.. بل خلقنا على الكرة الأرضية، والكون كلّه لنا".
إنّ الفرصة قد تأتي من أيّ مكان في الكون، ويجب استغلالها وتسخير طاقتنا في سبيلها. فأوديت التي انتقلت إلى فرنسا منذ 23 سنة لمتابعة دراستها، بهدف العودة مباشرة إلى لبنان وتوظيف علمها في بلدها، ما لبثت أن وجدت نفسها تتراجع عن ذلك بسبب الأزمات المتتالية. ولكنّها تمكّنت من إقامة هذا التوازن بين الوطن والغربة، من خلال تأسيسها في العام 2006، أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان، "الجمعية اللبنانية لضحايا الإرهاب"، مع إليانا قشمعي قاعي ورولا حلو. وجاءت هذه الجمعية بالتزامن مع عملها في فرنسا، مع الجمعية الفرنسيّة لضحايا الإرهاب.
ويتمّ العمل مع اللبنانيين في لبنان على الصعيد النفسيّ والفنيّ، من أجل تقديم المساعدة للبنان "البلد الذي جئت منه، وأحبّه.. أريد أن أساهم في التأسيس لجيل أفضل وحياة أفضل". وتضيف: إنّ عدم معالجة الآثار النفسية للصدمات، من أسباب تفاقم الحالة، "فالضحية تولّد ضحية". وبحكم عملها مع الأمم المتّحدة، توسّع نشاط الجمعية ليشمل العراق، وهناك تعاون مع جمعية Tuesday Children، في الولايات المتحدة الأميركية. ويتمّ التعامل مع النساء الأرامل (اللبنانية والفرنسية والأميركية)، اللواتي فقدن أزواجهنّ في صفوف الجيش، والتركيز على مبدأ "أنّ الوجع واحد.. والإرهاب لا يترك أحداً مهما كان دينه أو عرقه أو جنسيته". ولكن بالمقابل من المهمّ تحويل الألم إلى رسالة إيجابية، من أجل الجيل الجديد. ونتج من ذلك مبادرة Parole de vie ـ كلمة حياة، التي تعتمد على انخراط تلك النساء في المدارس ونشر التوعية بين الطلاّب في مختلف المواضيع: العنف، التطرّف، أهمية الانفتاح على الآخر...
ما دامت أوديت حلو شينو تمكّنت اليوم من التوفيق بين عائلتها وعملها والعمل الإنساني، وبين لبنان وفرنسا، إذاً فللمرأة طاقة بل وقدرة على أن تكون فعّالة في أكثر من مجال وأكثر من مكان. نحن نحتاج فقط إلى مجتمع عربيّ يعي هذا الواقع، "فالمرأة لا ينقصها أيّ شيء، لتحقّق ذاتها وأهدافها"، على حدّ قول أوديت. نحتاج إلى مجتمع ينظر إلى المرأة ككيان كامل متكامل، يراها بعين إنسان مثلها مثل الرجل؛ فإن كانت أمّاً وعاملة، فالرجل أيضاً أبٌ وعامل. ويبقى دور المرأة والرجل مهمّين، في كِلا الوجهَين: البيت والمجتمع.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم