الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أغرب طلب وأروع استجابة

المصدر: النهار - نهلة كدر رحال - سوريا
اعتادت البشرية أن تحتفل بمَن شعرت بقوّة تأثيره عليها، فأقامت أعياداً للعامل وللشهيد وللأم ولغيرهم من الشخصيات العظيمة أو المحببة
اعتادت البشرية أن تحتفل بمَن شعرت بقوّة تأثيره عليها، فأقامت أعياداً للعامل وللشهيد وللأم ولغيرهم من الشخصيات العظيمة أو المحببة
A+ A-
اعتادت البشرية أن تحتفل بمَن شعرت بقوّة تأثيره عليها، فأقامت أعياداً للعامل وللشهيد وللأم ولغيرهم من الشخصيات العظيمة أو المحببة. حتى الكاذب كان له عيد يقلّده فيه الناس، لكسر الروتين وإضفاء المرح. ومنهم ذلك الصحافي الذي أعلن معرضاً للحمير في ساحة معروفة من ساحات بلده وذلك في 1 نيسان. وحين اجتمع الناس ولم يروا غير بعضهم ضحكوا بشدّة من سخرية الفخّ الذي وقعوا فيه. وهكذا راحت الشعوب تحتفل بأحيائها الذين يمارسون أعمالهم لتطويرها وارتقائها، وبأمواتها الذين ضحّوا بدمائهم من أجلها كالشهداء أو كان لهم شرف التحنيط كالمومياءات. لكن تلك الشعوب قد نسيت تماماً الاحتفال بالمتقاعدين عن أعمالهم، واكتفت بما يقوم به زملاؤهم من تكريم لهم ليطويهم فيما بعد الإهمال والنسيان. وربما جاءت التسمية بسبب ذلك (مت قاعد)، أي جرّب الموت وأنت على قيد الحياة. وما الموت إلّا الشعور بالفراغ القاتل بعد كثرة المشاغل والعلاقات، ولا سيما لأولئك الذين كانوا يشغلون مناصب حسّاسة تجعل الكثيرين يدعونهم إلى مناسباتهم، وإن كانت خاصّة للتفاخر بصداقاتهم والاستفادة ما أمكن من وجودهم. ثم يزول كلّ شيء مع زوال العمل بسبب التقاعد، وقد يستطيع بعض المتقاعدين تأسيس أعمال خاصّة بهم، يتابعون فيها تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه وهم قلائل. لأنّ الكثيرين يبدؤون رحلة البحث الشاقّ عن أعمال تليق بأعمارهم وخبراتهم وقدراتهم، وقد يضطر بعضهم إلى ممارسة ما لا يليق منها هرباً من الوحدة والجمود واليأس المدمر. فاحتفل أيّها القائم على رأس عملك أو المتمتّع بمنصبك، وبشكل دوري وسنوي، بمن كان يشغله قبلك ثم تقاعد بسبب العمر أو الصحّة أو شدّة الضغوط. نعم تذكّره واحتفل به، لأنه يستحقّ الاحتفال في نهاية خدمته ولأنه السابق وأنت اللاحق الذي ستتقاعد وستواجه ذات المصير.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم