رحيل

لم يبق لديّ موعد ولقاء
بقيت أوراق الخريف تتساقط
معلنة انتهاء عصر الأمنيات السعيدة،
والغيوم تلبّدت بسرعة،
الرياح اشتدّت لتحمل ذرات الغبار،
وتذروها في عينيّ ثمّ تقول:
"ارحل بعيداً ارحل بعيداً،
غادر كوني الفسيح وارحل بعيداً".
تلاطمني الرياح بشدّة وتضربني
والأشجار تميل بغضب تجاهي وكأنّما تريد أن تقول:
"غادر أوردتي غادر شراييني،
غادر نفسي، غادر روحي وذاتي واتركني ولا تعد.."
حتى الورود لم تعد تأبه بي، ولم تعد ترقص
لوجودي ،حتّى أنّها ذبلت وماتت.
يبدو أنّي أصبحت بلا فائدة
بل إنّي أصبحت أكثر خطراً من تلك الطيور الجارحة.
سأغادر حيث الطيور الجارحة
أكلت فرائسها بوحشية ومزّقتها إرباً إرباً.
ماتت بقلوبها الرحمة وأصبح ظلمها
يقتلني، يقتل أنفاسي ويخنقها.
سأغادر حيث التاريخ لم يعد يسجّل
سوى أفعالنا اللاإنسانية.
أصبحنا نقتل بلا ذنب،
ونسرق بلا عيب،
ونحرق بلا قلب،
مشاعرنا أصبحت مؤقّتة وما تبقّى منها
مات ودُفن.
تحت فوضى الحرب والدمار
وفقدان الأحبة
سأغادر حيث أصبحنا جسداً بلا روح،
وأمنيات لا تتحقّق.
لم نعد كما كنّا في الماضي
سأغادر حيث سُرقت منّا الابتسامة..
سأغادر بصمت وأرحل
وليس هناك غير الرحيل
يشفي قلبي العليل،
الرحيل وفقط:
يا موت خذني خذني
من السماء قرّبني
يا موج خذني إلى البعيد
احملني، إلى النهاية أوصلني.