بعد اثنين و ثلاثين عاماً

انتهت الحرب اللبنانية منذ اثنين و ثلاثين عاماً، 

و ما زالت الطائفية تخيّم على نفوس اللبنانيين، كما على الوثائق الرّسمية...

ما زال أبي يقلق طوال الليل عند سماع طيران العدو الإسرائيلي...

ما زال بائع الصحف يجلس على الرّصيف نفسه...

تغير عمره و تغير شكل المرفأ، و ما زالت رائحة الفساد تفوح من أخبار الصحف في يده...

ما زالت الأسماء في نشرات الأخبار على حالها

و ما زالت بيروت تبكي...و ما زال الشعب اللبناني أكبر طموحاته، الهجرة... 

بعد اثنين و ثلاثين عاماً على انتهاء الحرب اللبنانية 

ما زال التاريخ يعيد نفسه... و ما زال الشّعب ضحية الدولة...

 كما و ضحية خياراته على مدى العصور...

ما زالت الليرة عملة لا قيمة لها إلّا تحت زجاج مكتب الدكاكين... 

و ما زالت دولتي دكاناً لا يبيبع الّا شعبه على شكل سكاكر ملوّنة... 

و ما زال شعبه يضيع بزهو الألوان و ينسى أن مصير سكّره الذّوبان... 

ما زالت الأدمغة مهاجرة، و ما زالت الأكفة السوداء على مقاعدها صامدة...

ما زالت أمي تعشق لبنان، و ما زالت تنتظره كلّ ليلة على الشرفة كي يعود... 

أخاف أن أخبرها أنّه اذا حصل و عاد لبنان يوماً سيعود ببضعة عطر من السافارات عالقة على قبّة قميصه...  

ما زال أمل أمي حيًّا... و ما زال لبنان لا يعد أبداً...إلّا على شكل فينيق.

انتهت الحرب اللبنانية منذ اثنين وثلاثين عاماً، و ما زلنا اسرى الحرب... و سنبقى...