أهل غزة أقدر الناس على اختيار مواقيت الفصول
أهل غزة أقدر الناس على اختيار مواقيت الفصول، لأنهم يعرفون جيداً متى يكرّون ومتى يفّرون... متى يتوارون خلف الأكمات والحجارة، ومتى ينقضّون كالسيول ليدمّروا الحصون والسدود والعربات المدرّعة والجند. أهل غزة يعرفون متى ينتصرون ومتى يستشهدون ومتى يحاصرون حصارهم، ومتى يتفاوضون، لكنهم أبداً لا يعرفون الهزيمة. وليس من حق أحد أن يتحدّث بلسانهم، أو أن يتفاوض باسمهم، فهم أدرى بشعابها الضيّقة وطرقها الوعرة وأنفاقها العميقة.
ليست الطائرات الأبابيل، ولا حاملاتها، ولا بوارج الحصار، ولا راجماتها، ولا البيارق، ولا حاملوها، ولا القنابل المفخخة، ولا الطائرات المسيرة، ولا البراميل المتفجرة ولا العربات المصفّحة بقادرة على إيقاع غزة في الأسر أبداً، لكن عاقدي المؤتمرات الحاشدة، والواقفين خلف مكبّرات الصوت الذين لم يجرّبوا جوع الأطفال وثكل الأرامل وبكاء العجائز تحت الأنقاض يستطيعون. فالمفاوضات أرض خصبة لكل الهزائم التي نتمرّغ في وحلها ليل نهار، وهي السبيل الوحيد لنزع الملكية من أصحاب الأرض وإهدائها للمتربصين بنا وبهم الدوائر.
بعد أن تنتهي الحرب، وتبرد الدماء الزكية تحت الأنقاض، وبعد أن يجمع الفلسطينيون بقايا لا يعرفونها لأطفالٍ كانوا يعرفونهم، وبعد أن ينتهي المشيّعون من مصافحة الجلاد وأهل الضحايا، ستبدأ حفلات التوقيع غير المشروع على بنود مجحفة لا تحفظ أرضاً ولا تصون عرضاً. بكم تبيع رأس أخيك، وساق طفلك، وعين حفيدتك؟ من سيدفع؟ ومن سيقبض الثمن؟ وما حجم المساحة منزوعة الأمل التي يمكن الاتفاق بشأنها؟ وما جنسيّة الرجال الذين سيقفون خلف الأسلاك بعد رحيل الحماة؟ ومع من سيتفاوض الغزاة بعد نفي المقاتلين أو قتلهم أو إلقائهم في غيابات الجب؟
أذكّر .. ليس من حق أحد أن يتفاوض عن فقيد إلا من فقد، وليس من شأن من لم يدافع أو يناصر أو يقاطع أن يفاوض. فلا تفاوض إلا مع أهل الضحية، ولا ديّة إلا إن قبلها أهل المغدور. ويقيناً، لن يفوّض أهل غزة أحداً للتحدّث باسمهم في الأروقة الأمميّة ولا لتقييم خسائرهم، كما لم يستغيثوا بأحد وقت نزول الحمم فوق الرؤوس لتهلك الحرث والنسل، والكلّ شاهد وشهيد.
تحمّل أبناء القطاع وحدهم ضريبة البقاء، وضربوا أروع أمثلة الفداء، وقدّموا لله خير القرابين من أطفال رضّع، وشباب خشّع، ورجال ركّع، ولم يهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، في وقت حبست فيه أقوى الجيوش أنفاسها، وكظم قادة الرأي في العالم غيظهم خوفاً من بطش الدولة المارقة وحليفتها الاستعمارية الكبرى، واكتفى أشدّ الناس في الشعوب المجاورة إيماناً بأضعف الإيمان، فحوقلوا وسبّحوا وهلّلوا ونشروا الأدعية على مواقع التواصل، لكن أحداً لم ينتفض نصرة لمن ظلم... والله يشهد، ونحن على ذلك من الشاهدين. فلا يأتين أحد من خلف الستار ليقسم كعكة الصلح ويكتب بيد ناعمة ميثاق الهزيمة.
خاضت الأمة حروباً عدة فوق مختلف الخرائط العربية النازفة مع عدو مشترك لم يرقب يوماً في مسلم إلّاً ولا ذمّة، وخسرت معظم حروبها بسبب وقوف دول كبرى مع الكيان الغاصب. لكنها اليوم تخسر معركة الكرامة من دون أن تدخلها من قريب أو بعيد، لا بسلاح ولا بجند، ولا بضماد لإسعاف جريح. فلا يقولنّ أحدٌ بعد اليوم انتصر العرب أو هزم العرب، فلم يعد بعد اليوم ثمّة عرب. هناك شعوب تقاوم، وسياسيّون يصافحون ويصالحون ويوقّعون، فتخسر الدول بالمعاهدات ما كسبه المقاتلون بالدماء، وينتصر الغزاة في كل مرة.
ليست الطائرات الأبابيل، ولا حاملاتها، ولا بوارج الحصار، ولا راجماتها، ولا البيارق، ولا حاملوها، ولا القنابل المفخخة، ولا الطائرات المسيرة، ولا البراميل المتفجرة ولا العربات المصفّحة بقادرة على إيقاع غزة في الأسر أبداً، لكن عاقدي المؤتمرات الحاشدة، والواقفين خلف مكبّرات الصوت الذين لم يجرّبوا جوع الأطفال وثكل الأرامل وبكاء العجائز تحت الأنقاض يستطيعون. فالمفاوضات أرض خصبة لكل الهزائم التي نتمرّغ في وحلها ليل نهار، وهي السبيل الوحيد لنزع الملكية من أصحاب الأرض وإهدائها للمتربصين بنا وبهم الدوائر.
بعد أن تنتهي الحرب، وتبرد الدماء الزكية تحت الأنقاض، وبعد أن يجمع الفلسطينيون بقايا لا يعرفونها لأطفالٍ كانوا يعرفونهم، وبعد أن ينتهي المشيّعون من مصافحة الجلاد وأهل الضحايا، ستبدأ حفلات التوقيع غير المشروع على بنود مجحفة لا تحفظ أرضاً ولا تصون عرضاً. بكم تبيع رأس أخيك، وساق طفلك، وعين حفيدتك؟ من سيدفع؟ ومن سيقبض الثمن؟ وما حجم المساحة منزوعة الأمل التي يمكن الاتفاق بشأنها؟ وما جنسيّة الرجال الذين سيقفون خلف الأسلاك بعد رحيل الحماة؟ ومع من سيتفاوض الغزاة بعد نفي المقاتلين أو قتلهم أو إلقائهم في غيابات الجب؟
أذكّر .. ليس من حق أحد أن يتفاوض عن فقيد إلا من فقد، وليس من شأن من لم يدافع أو يناصر أو يقاطع أن يفاوض. فلا تفاوض إلا مع أهل الضحية، ولا ديّة إلا إن قبلها أهل المغدور. ويقيناً، لن يفوّض أهل غزة أحداً للتحدّث باسمهم في الأروقة الأمميّة ولا لتقييم خسائرهم، كما لم يستغيثوا بأحد وقت نزول الحمم فوق الرؤوس لتهلك الحرث والنسل، والكلّ شاهد وشهيد.
تحمّل أبناء القطاع وحدهم ضريبة البقاء، وضربوا أروع أمثلة الفداء، وقدّموا لله خير القرابين من أطفال رضّع، وشباب خشّع، ورجال ركّع، ولم يهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، في وقت حبست فيه أقوى الجيوش أنفاسها، وكظم قادة الرأي في العالم غيظهم خوفاً من بطش الدولة المارقة وحليفتها الاستعمارية الكبرى، واكتفى أشدّ الناس في الشعوب المجاورة إيماناً بأضعف الإيمان، فحوقلوا وسبّحوا وهلّلوا ونشروا الأدعية على مواقع التواصل، لكن أحداً لم ينتفض نصرة لمن ظلم... والله يشهد، ونحن على ذلك من الشاهدين. فلا يأتين أحد من خلف الستار ليقسم كعكة الصلح ويكتب بيد ناعمة ميثاق الهزيمة.
خاضت الأمة حروباً عدة فوق مختلف الخرائط العربية النازفة مع عدو مشترك لم يرقب يوماً في مسلم إلّاً ولا ذمّة، وخسرت معظم حروبها بسبب وقوف دول كبرى مع الكيان الغاصب. لكنها اليوم تخسر معركة الكرامة من دون أن تدخلها من قريب أو بعيد، لا بسلاح ولا بجند، ولا بضماد لإسعاف جريح. فلا يقولنّ أحدٌ بعد اليوم انتصر العرب أو هزم العرب، فلم يعد بعد اليوم ثمّة عرب. هناك شعوب تقاوم، وسياسيّون يصافحون ويصالحون ويوقّعون، فتخسر الدول بالمعاهدات ما كسبه المقاتلون بالدماء، وينتصر الغزاة في كل مرة.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
كتاب النهار
11/8/2025 9:11:00 AM
يكشف وزير أنه خلال الجلسة الحكومية، عرض قائد الجيش تجميد الخطة من باب الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها
تركيا
11/8/2025 3:48:00 PM
لدى القاتل سجل جنائي حافل رغم صغر سنه.
لبنان
11/8/2025 11:06:00 AM
بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، يُسمع غولد وهو يقول بالعبرية: "أنا موجود الآن في مارينا بيروت في لبنان، شوفوا ما أجمل هذا المكان"
سياسة
11/7/2025 4:02:00 PM
بعد أن كتبت "بعلبك إيمتى؟" على تغريدة لأفيخاي... هذا ما جرى معها
نبض