في عالم ٍ تملؤه الحروب والصراعات والنزاعات على الأرض، الثروة والمال والسياسة، يعيش كلّ فرد منا صراعه الخاص بين ما نريد أن نكون وما نحن عليه ، صراع بين كل فرد ونفسه في عالم ٍ يجعل الفرد يعيش بأكثر من وجه حياة متقلبة حسب الزمان والمكان والظروف.
بعض من هذا الصراع قد وُلد مع كل إنسان في فطرته الإنسانية وبعضه الآخر أولدته العولمة والتكنولوجيا والتطور الحاصل في شتى المجالات. وكان لوسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في تغذية هذا الصراع وإبرازه وجعله حالة عامة يعيشها الكثير من البشر فيظهر الفرد بشخصيتين، شخصية واقعية تتعامل مع أناس حقيقيين على أرض الواقع من دون وسيط أو من خلف شاشة وشخصية أخرى تشبه أحياناً الأولى وأحياناً كثيرة تكون شخصية مغايرة إما سلباً وإما إيجاباً، فيظهر الفرد أمام من يعرفه بصورتين مختلفتين، على الواقع شخص وخلف شاشة الهاتف شخص آخر. يحاول الكثيرون من البشر إيهام أنفسهم أن هذا الأمر طبيعي ولا ريب فيه، وهنا يبدأ الصراع على حقيقة الفرد وهل حقيقته ما تعكسه علاقاته الواقعية مع الناس أم ما يخفيه هاتفه من خبايا وأسرار لا يعلمها إلا هو ومن تلقاها.
يعيش أفراد المجتمعات التقليدية والمتدينة أكثر من غيرهم هذا الصراع، والسبب يعود إلى الانفتاح المفاجئ وغير المنضبط الذي يطرأ عليهم فتنوجد مساحة جديدة على كل فرد أن يملأها كما يريد وبما يريد، فيكثر الأشخاص الذين يعيشون التدين ظاهرًا ويخفون أمورًا عكس ذلك في هواتفهم سرًا، وبعد فترة يبدأ فصل من الصراع بين الخطأ والصواب بين حقيقة الفرد وما تهواه نفسه.
لا يخفى على أحد أن بعض الدول تتعمد ضرب مجتمعات الدول المعادية لها من خلال الإعلام والدعاية تارة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تارة أخرى، تشكل وسائل التواصل الاجتماعي أرضاً خصبة لمثل هكذا مخططات حيث تستطيع الدول هذه أن تصل إلى ذات كل فرد وتجعله ضائعاً بين ثقافة مجتمعه وأجداده والقيم التي تربى عليها وبين ما تزين له نفسه من ملذات وإغراءات عبر شعارات التحرر والتطور وغيرها من شعارات عصر العولمة، ويبقى السؤال الأكبر الذي يشعل الصراع بين كل فرد ونفسه " ماذا نريد أن نكون وما الذي نحن عليه"؟