أحلامٌ لجمهوريّةِ الكرامة

أحلامٌ لجمهوريّةِ الكرامة
يلوّن الغروبُ وجهَ الشمسِ ليصرعَها، ثم تنهضُ من جديد بأملٍ لا تردمُهُ خلواتُ الغيب، كذلك هو الوطنُ الذي قد يُعييهِ تقلّبُ الأحوال
Smaller Bigger
يلوّن الغروبُ وجهَ الشمسِ ليصرعَها، ثم تنهضُ من جديد بأملٍ لا تردمُهُ خلواتُ الغيب، كذلك هو الوطنُ الذي قد يُعييهِ تقلّبُ الأحوال، وتَجَنّي القدر، وتعسُّفُ أصحابِ السلطة، وتطعنُهُ الرّيحُ بمدْيَةِ الآلام، ولكنّه يبقى ثابتاً صابراً، يستعيرُ منه المواطنُ رباطةَ الجأشِ والعزيمة والإرادة الصلبة.
إنّ شجاعةَ وطنِنا بالرغم من محنِهِ تلهمُ الكائناتِ الحيّة، فيقاوم الشجرُ غزوَ العواصفِ وصفعَ الرياح، وتصبرُ الورودُ على ذبولِها شتاءً للتألّقَ ربيعاً بثوبِ الفرحِ والفتنة، ويتمسّكُ النّاسُ بالأملِ ليبدّدوا أحزانَهم بالبهجة، ويرسموا آمالهم بالحلمِ والسعي لبلوغِه.
وطنُنا هو سرُّ الوجودِ الذي هو نقيضُ العدَم، يسنُّ القوَّةَ والثباتَ ناموساً لهذا الكون الواسع. وقريباً، سيأتي عهدٌ جديد لرئيس جمهوريَّةٍ جديد، يتعَّهدُ ويقسِمُ اليمينَ على حمايةِ لبنانَ جسداً وروحاً وضميراً، ويكون أميناً على دستورِهِ وقوانينِه. ولهذا، أتوجّهُ إليه برسالةٍ من مواطنٍ يرى وطنَه بنظرةِ الجيلِ الواعد المتحرِّرِ من أغلالِ التبعيّةِ والطائفيّة.
فيا سيِّدي الرّئيس
لم يتبقَّ لنا من أملٍ سوى في أن ننشدَ معك مبادئَ الحريّةِ ونسعى إليها، فنعملُ على المطالبةِ بجعلِ لبنانَ بلداً علمانيّاً لا يحتكمُ للسياسةِ الطائفيّة، فمنذ حدّدتِ السلطةُ لكلّ منصبٍ سياسيّ طائفةً محدّدة، مع العلم أنّ هذا القانون لم يذكر في الّدستور، تفاقمتْ أزمةُ التناحرِ الطائفيّ، وانتشرتْ ظاهرةُ السّلاحِ المتفلّتِ بين الأحزاب، وانتقلت للمواطنين المدنيّين، ليُستخدم كوسيلةٍ لحربِ شوارعِ بين ملّةٍ وأخرى أو بين حزبين متنافرين، ولتنحدرَ أخلاقُهم في مغاورَ سحيقةٍ خاليةٍ من الإنسانيّة. لذلك يجب أن يكونَ السلاحُ بيدِ الجيشِ وحده لتتوحّدَ صفوفُ المواطنين، ويقاوموا سويّاً العدوانَ الخارجيَّ صفّاً واحداً، لأنّ الاتّحادَ قوّةٌ تُقهقرُ العواصفَ العاتية.
وعلى الرئيسِ أن لا ينحازَ إلى فريقٍ سياسيٍّ دون الآخر، ويقوم كخطوةٍ أولى بترتيبِ أولويّاتِ الوطنِ من كهرباء وماء وطرقات ومستشفيات وضمانٍ اجتماعيّ وضمان شيخوخة، وأن يعزّزَ من دورِ المتعلّمين سواء في سلكِ القضاءِ أو التعليمِ أو الطبّ والتمريض وغيرِه، لتقليصِ عاملِ الهجرةِ الذي جعلَ وطنَنا يفتقد مبدعيه ومثقّفيه ومفكّريه، فقد آنَ للمهاجرين أن يعودوا ليثروا لبنانَ بعقولِهم وأفكارِهم النيّرة، ويجب أن يضعَ الرَّئيسُ في أوليّاتِ مشاريعِهِ دورَ المرأةِ في بناءِ المجتمع، فيعزّزُ دورَها ويسنُّ قانوناً راسخاً لحمايتِها من التعنيف، ولجعلِها مخوّلةً كالرَّجلِ على العملِ والتّنفيذِ والتخطيطِ بديناميكيَّةٍ ومن غيرِ ضغوطٍ وممارساتٍ ذكوريّةٍ عليها.
وتتجلّى مسؤوليّتكَ أيضاً في فرضِ التعليمِ المجّانيّ الإلزامي، الذي يحرّرُ الإنسانَ من الأميّةِ والعبوديّة، ويمنحُ المواطنَ الفقيرَ فرصةَ التقدّمِ والتطوّرِ للأفضل. فللثقافةِ دورُها الكبير في بناءِ الأوطان، فهي كالنّهرِ المتدفّقِ الذي تتفرّعُ روافدُهُ وتتنوّع، لتملأَ كؤوسَ الإنسانِ بخمرِ المعرفة، وتغمرُهُ بنورِ الفكرِ والأدبِ والفلسفةِ والجمال.
ويبرزُ دورُكَ ساطعاً مثل ضياء الشمسِ في تشجيعِ التَّصديرِ المحليّ للزراعة، والحلُّ يكونُ بإنشاءِ تعاونيَّاتٍ تشتري الإنتاجَ من المزارعِ بأسعارٍ مرضية، وبالاتّفاقاتِ الموقَّعةِ بين دولتِنا وباقي الدولِ التي نستوردُ منها، خاصّةً أنَنا دولةٌ مستوردة، فنفرض عليهم شراءَ الإنتاجِ اللبناني، ونترك للمزارعِ اللبنانيِّ الاهتمامَ بجودة ِ زراعتِه وإيلائِها جلّ اهتمامِه.
أيضاً تأتي محاربةُ العاداتِ الباليةِ والتقاليدِ الرجعيّةِ التي تبيحُ في بعض المناطقِ وللعشائرِ الأخذَ بالثأرِ والقتلَ من أجل الدفاعِ عن الشّرفِ، من مهامِكَ الأولى سيّدي الرئيس، لإبادتِها ودحرِها، من خلال الإيعازِ للمؤسّساتِ الناشطةِ مدنيّاً بتنظيم حملات توعية تحذّر من مغبّة هذا الجرم وانعكاسِهِ السلبيّ على المجتمعِ والإنسان. وتدعم الحريّة التي هي اتّكاءُ الأرواحِ في مهدِ الضمير، حيثُ الإيمانُ والتّقوى وسعةُ البال، وحيثُ تغمضُ محاجرُ الفضيلةِ أهدابَها في غفوةٍ آمنة، بعيداً من الأحقادِ والضّغائنِ والحسدِ والترهّلاتِ الروحيّة، وحيثُ يكونُ الإنسانُ رمزاً للإنسانيّة، لا شيء يهدّد أمنَهُ ما دامَ يسيرُ واثقَ النّفس، ولا زعزعة تنالُ منه أرقاً، أو تقضُّ له مضجعاً، لأنّ بالَه مطمئنُّ لسلوكِهِ وعلاقتِهِ بربّه. فبذكرِ الربّ تطمئنُّ النّفوسُ القلقة، وباحترامِ الأديانِ والإنسانِ كذلك. فحبّذا يا سيّدي الرئيس المقبل لو أنّنا نستفيقُ من سباتِنا العميقِ لكي نعيدَ وطنَنا جديراً بتراثِهِ وتاريخِهِ العريق، وندعمَ فيه المؤسَّساتِ والمصارفَ والجيشَ ومؤسَّساتِ الدولةِ والجامعاتِ والمدارس.
إنّ التاريخَ مقصلةُ الزمن ِلا يستثني أحداً، فيجب أن يستيقظَ الجميعُ لتتوحَّدَ أيديهم ومساعيهم، من دون أيّ تحيٌّزٍ أو تمييز، لنعيدَ إلى لبنانَ كرامتَه، ولينعمَ الجميعُ بوطنٍ اسمُهُ "لبنانُ الحلم".
نحنُ يا سيّدي الرّئيس في بلدٍ تجزّأت فيه القيمُ وتجهّمتْ عنده المبادئُ سافرةً عن وجهِ الظالمين، نرى هيكلَنا الأمنيّ والوطنيّ تتقلّصُ معالمُه، فالحكمُ باتَ للسارقِ والمارقِ والحاذقِ والغارقِ في الشّهواتِ والغرائز والخطايا التي نهتْ عنها الأديانُ جميعاً.
فلنمنحْ معاً يا سيّدي الرّئيس لبنانَنا حقَّه في الحريّة، فلنحرّرْه من استعمارِ النفوسِ الشقيّةِ المستغلَّةِ التي تدمّره، فما أجملَ الحريّة وهي ترقصُ جذلى في ثوبِها، وترشحُ عطراً من نحرِها. هي امرأةُ الفصولِ والمواسمِ والرّقصِ المتوازن. هي سيّدةُ الحبّ والرقيّ والأماني الدائمة. هي إيقاعُ الزمنِ الآتي على وقعِ السنونو المحلّقِ إلى اللانهاية. وفقّكم اللهُ يا سيّدي الرئيس، وسدّدَ خطاكم في المرحلة ِالمقبلة، وجعلكم سنداً ومدداً لهذا الوطن الشامخ.
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

تركيا 11/16/2025 6:11:00 AM
كان أفراد العائلة أصيبوا بتوعّك الأربعاء بعد تناولهم أطعمة من باعة متجوّلين
سياسة 11/16/2025 2:18:00 PM
حنكش: لضبط كل السلاح خارج الشرعية وخصوصاً مع رواسب الميليشيات المسلحة في المتن وكل لبنان
سياسة 11/16/2025 5:01:00 PM
تجاوز عدد المقترعين عند الإقفال 4700 ناخب
سياسة 11/16/2025 7:55:00 PM
يتمتع مرتينوس بخبرة تزيد عن 25 عاماً في ممارسة المحاماة، وقد شغل عدة مناصب داخل نقابة المحامين في بيروت قبل ترشحه للنقابة