نصف بوشاح كامل

نصف بوشاح كامل
كان ليله سرمديًا ذاك اليوم
Smaller Bigger
كان ليله سرمديًا ذاك اليوم
ليلٌ طويل عطش للشمس كصائم يتوق إلى قطرة ماء بعد ساعات من الصوم.
كان دائمًا جسدًا برأس قوم
وهل على الغارقين المتأملين من لوم؟
كان يحمل بيده اليمنى عتبًا شديدًا على نفسه، وبالأخرى أكوامًا من رحيق الحياة.
لم يكن يومًا ضعيفًا
كان دائمًا في النجاة خفيفًا
كقنّاص يعرف كلّ شيء عن طريدته
كالمثقلٌ بالدقّة كخيّاط يتقن حنكته،
لطالما كان إخماد حرائقه ميدان لعبته
فقد كان سريعًا في إنقاذ الشعلة في اللحظة الأخيرة
فيده اليوم عليلة
لكنّها غداً ستكون لإشعال ثورته هي الفتيلة..
وهو في تأمله هذا كان دائم التفكير بنصفه المبتور
لطالما كان يتقن التقنّع بوشاح الكمال
ليطفئ برده بقناع وشال
مع أنّ داخله كان يعرّيه من صلابته كلّها ويُريه بُعد تلك الآمال
كان دائمًا يرسم طريقه بريشة من ألوان
وينصب جسور عبوره بحبال
فإنه طفل بكاهل من جبال
طفل يقطن في داخلنا ويكبر مع كل ليل من ظلال
كنت أنا من أشُدُّ على يده لأحميه من معارك الحياة كبحر هائج ليغطّي كل ما يحيط به من رمال.
فقد كان صديقي بكثير من الأميال
كنت أوصيه بالصلابة الدائمة
ولو كانت أيامه بالمتاعب عائمة
وعلى الدوام أذكّره بأنّ النصف هو في حدّ ذاته كامل
ومن يظنّ انه كامل سقط بنفسه الى ما تحت النصف
وأودى بها الى مستنقع السخف.
كنت دائمًا أعلّمه الغموض
فهو مصمّم انتقائيّ، لا يضع بصمته إلّا على تفاصيل من نُعتوه بالصمود
هو الطفل الذي عاداه الكثير ظنًا انّه من أودى بهم الى الجماد
وحضنه القليل منّا ليجعل من نيرانه رمادًا بعده برود
هو الذي حارب ليعلمنا ان القوة هي السلاح الأجدر بين الحشود
وأن الله لا يعطي أصعب معاركه إلّا لأقوى الجنود
فنصفنا الذي لا نعرف له سبيل هو ذاك الطفل الذي ننعته بالمفقود
والذي نجعله بطلًا لخرافة الغائب الذي لن يعود
نصفنا هو ذاك الطفل الذي ولد من رحم حروبنا
لتتسارع سنونه ويكبرنا بطن من التعب وكثير من العقود…

العلامات الدالة

الأكثر قراءة

مجتمع 11/13/2025 4:43:00 PM
أكّد المدير العام للطيران المدني المهندس أمين جابر أنّ التحويل في مسار الرحلات جاء نتيجة الأحوال الجوية القاسية في الشمال.
سياسة 11/14/2025 2:56:00 PM
الجيش الإسرائيلي: الوحدة 121 بحزب الله مسؤولة عن ملف اغتيال سياسي لبناني مسيحي