الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

روبرت مالي... حامي الطغاة

لأكاديمي والباحث الأميركي روبرت مالي (أ ف ب).
لأكاديمي والباحث الأميركي روبرت مالي (أ ف ب).
A+ A-
الدكتور مكرم رباح
 
 
قد يتفاجأ من يقرأ لروبرت "روب" مالي أو يسمعه للمرة الأولى بفجور هذا الأكاديمي والباحث الأميركي اليهودي من أصول شامية وهو يستميت في الدفاع عن الطغاة في عالمنا العربي والشرق أوسطي، بل وقد يُخيّل إليه أنه يستمع إلى عضو قيادة قطرية في حزب البعث أو شخص يحتسي الشاي يومياً مع الولي الفقيه.
 
مالي الذي خدم في السابق ضمن فريق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما كمبعوث خاص للشرق الأوسط والمفاوضات النووية، يتهيّأ اليوم ليكون مبعوث الرئيس جو بايدن الخاص لإيران. وهو تعيين أثار مخاوف لدى الكثيرين من أن تكون الإدارة الأميركية في صدد إعادة تشكيل عقيدة أوباما القاتلة، لكن بحلة جديدة.
 
ولد روب في عائلة تمتهن أعمال تبييض سمعة الطغاة والدفاع عنهم. فوالده سيمون مالي، الرجل الشامي اليهودي الذي ولد في القاهرة وخدم كمراسل لجريدة الجمهورية في نيويورك قبل أن ينتقل إلى فرنسا في أوائل السبعينات من القرن الماضي، ويتعرّف إلى زوجته الجزائرية أثناء خدمتها ضمن وفد جبهة التحرير الوطني في الأمم المتحدة، أمسى واحداً من أبرز الأبواق المدافعة عن سياسة عدم الانحياز المزعومة والقومية المقيتة التي قدّمت صخب المعركة على أنين ضحايا مجازر طغاة الثورة الإيرانية أو مجازر الخمير الحمر في كمبوديا.
 
قبل دخوله إلى إدارة أوباما، سعى مالي جاهداً، عبر مركزه "مجموعة الأزمات الدولية"، للترويج لفرضية الحوار مع "محور الشر"، من دون أن يفوّت فرصة أو تقريراً لمخاطبة صناع القرار في واشنطن ومحاولة إقناعهم بأن جنوح إيران ونظام الأسد وإخوانهما من الميليشيات هو نتيجة سياسات الغرب المجحفة، وأن تلك الأنظمة القاتلة تتمتع بالشرعية المحلية والمنطق المتميز فقط عن منطق الغرب.
 
لا يخجل مالي ولا يتردد من تبرير تجاوزات أحزاب تابعة لإيران كـ"حركة حماس" أو "حزب الله"، ولا يرى في المشروع التوسعي الإيراني بقيادة "الراحل الكبير" اللواء قاسم سليماني احتلالاً لدول المنطقة، لا سيما أن الإرهاب وفق "روب" لا يأتي إلا من البيئة السنية، وأن إيران هي حليف استراتيجي لمحاربة "داعش"، من دون الاعتراف بأن هذا الوجه من التوحش والتطرف المذهبي "السنّي" هو نتيجة إطلاق يد إيران وحرسها الثوري. والأسوأ ربما هو جزم روبرت مالي بأن الانتفاضات الإيرانية الشعبية على نظام الولي الفقيه ليست إلا نتيجة تحريض أميركي، وأن بطش النظام الإيراني ضد تلك الحركات، وآخرها في خريف 2019، هو مجرد عمل مبرر بل سيادي.
 
لعل الجريمة الكبرى التي شارك فيها مالي وجماعته وعبّدوا طريقها هي النصيحة التي قدّموها للرئيس أوباما عقب المجازر الأسدية واستعمال السلاح الكيميائي بعدم عبور الخطوط الحمراء ومعاقبة بشار الأسد عسكرياً، وبذلك استحق مالي وأقرانه عضوية نادي الصامتين الملطخة أيديهم بدماء أطفال الغوطة ودوما وسائر المدن السورية.
 
وفي آخر تقرير صدر عن مجموعة أزماته عقب انفجار مرفأ بيروت، نصح مالي الإدارة الأميركية التي تخلف إدارة ترامب بعدم التركيز على نزع سلاح "حزب الله" بزعم أنه مطلب خليجي إسرائيلي، بل التركيز على الإصلاح الاقتصادي والسياسي في لبنان، موحياً أن "حزب الله" وتنظيمه الإيراني المسلح عنصران أساسيان في منع انهيار الدولة اللبنانية. والأزمة الكبيرة تكمن في تغاضي مجموعة الأزمة عن أن سلاح إيران هو الحامي الأول للنظام اللبناني الفاسد، وأن انفجار المرفأ، إن لم يكن ناجماً عن تخزين إيران للمتفجرات في عنابر المرفأ، فهو نتيجة ذوبان أسس الدولة التي ساهم السلاح غير الشرعي بتسريعه.
 
تعيين بايدن لمالي ليس نهاية العالم، بل قد يكون الطلقة النهاية في نعش أمثاله من المطبعين مع أنظمة القتل والإجرام، على اعتبار أن إيران لم ولن تتغير، وأن مالي الذي يحظى بمحبة الفرس لن يتمكن ولو بعد مليون عام من إقناع أحد، ومن بينهم الشعب الإيراني، بأن نموذج الحرس الثوري هو مستقبل المنطقة. وربما نشهد قريباً خروج حامي الطغاة هذا من المنظومة السياسية بعد فشل محتوم، على أنغام ومعاني أغنية "مالي شغل بالسوق مريت أشوفك".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم