السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

"لعلّ وعسى" سهمٌ بارقٌ في ليل لبنان

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
تعبيرية
تعبيرية
A+ A-
لا شيء في المشهد اللبنانيّ يسمح لي بأنْ أومئ – من خلال السياسة - إلى الأمل، فكيف أبشّر بالتفاؤل، وأدعو الناس إلى الصبر والمجالدة؟ أنا لا أعرف كيف أسمح لنفسي بذلك. لكنّي أعترف بأنّي "مجبرٌ" (روحيًّا وعقليًّا وفلسفيًّا) على التفاؤل، ولا أستطيع إلّا أنْ أظلّ متفائلًا، على رغم كلّ العلامات (الواقعيّة) التي تُنذر باقتراب آخر الأزمنة.
الوحوش، الذئاب، الأفاعي، و... الثعالب، يستولون على لبنان من كلّ حدبٍ وصوب، ومن الداخل والخارج، ويحكمون السيطرة على الجهات كلّها، ويغتالون كلّ الفرص، على تواضعها (وهوانها). فكيف يحقّ لي أنْ أُوهِم الناس بعكس ذلك؟ هل أنا أعمى؟ هل أنا كاذب؟ هل أنا أبله؟
أنا لا أُوهِم أحدًا، ولا حتّى نفسي. وأنا لستُ أعمى، ولستُ كاذبًا، ولا أبله. لكنّي لا أريد – وهذا هو قراري – أنْ أرضخ لهؤلاء القَتَلة.
خلال يوم، يومين، ثلاثة، أكثر أو أقلّ، لن يبقى أيُّ مالٍ احتياطيّ. وقد لا يبقى دواءٌ، ولا طحينٌ، ولا ضوء.
إنّي أرى المشهد على ما هو عليه، بما فيه من احتمالاتٍ كارثيّةٍ وشيكة الوقوع.
وأرى، في جملة ما أرى، أنّ أهل السلطة، بأطرافها كافّةً، وفي مقدّمهم "العهد" وفريقه، وحليفه (الإلهيّ)، لن يتراجع الواحد منهم قيد أنملة، عن مواقفه ومتاريسه. وليس ثمّة، في المقابل، قوّةٌ وطنيّةٌ وأخلاقيّةٌ كبرى، وليس ثمّة رادعٌ مادّيٌّ أو معنويٌّ، من شأنه أن يردع هؤلاء، أو يزحزحهم.
الأفق في السياسة اللبنانيّة مغلقٌ كلّه. لكنّي – أنا الّلاأحد والّلاشيء في السياسة وفي الشأن العامّ – أدعو الناس إلى التوقّف عن التذمّر والشكوى والرثاء والبكاء، وأحضّهم حضًّا على البحث عن كلّ ما من شأنه أنْ يمنحهم عزاءً، ولو طفيفًا، لكي يتمكّنوا من البقاء ومن الـsurvie.
من المعيب أنْ لا نتحمّل مسؤوليّة ما ساهمنا – عن وعيٍ أو بدون انتباه – في ارتكابه، مباشرةً أو بطريقة موضوعيّةٍ غير مباشرة.
من المعيب أنْ لا نقف في وجوه هؤلاء الوحوش والذائاب والأفاعي والثعالب. هم أقوى بالطبع، لأنّهم يملكون النفس الطويل، وأدوات المواجهة.
تريدون لبنان؟ ممنوعٌ – إذًا - الكفر بلبنان. وممنوعٌ شتمُهُ. وممنوعٌ تركُهُ لقمةً سائغةً في أفواه هؤلاء القتلة.
أقرباء لي لم يعد في مقدورهم أنْ "يتنعّموا" بشراء منقوشة صعتر، جلبوا صاجًا، وأوقدوا تحته البلّان والسيكون، وصاروا يأكلون المناقيش في البيت.
أدعو الناس – بدل النقّ - إلى أن يخبزوا الحشيش الأخضر، تحدّيًا وتعزيزًا للأمل.
أمس، حضرتُ مسرحيّةً "لعلّ وعسى"، في "دوّار الشمس"، كتابة كريستيل خضر وإخراجها، وتمثيل جنان الحاج علي ورندا أسمر، يشرّفني أنْ أقول إنّها نوعٌ نبيلٌ جدًّا، وراقٍ جدًّا، من سبل عدم الرضوخ الثقافيّ لليأس.
إنّها سهمٌ بارقٌ في ليل لبنان، يفتح ثغرةً مضيئةً. "لعلّ وعسى". لا تيأسوا.
[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم