الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"التوقيت الصيفي": ماذا لو بحث مجلس الوزراء في الموضوع؟

المصدر: "النهار"
ساعة مقابل السرايا الحكومية في بيروت (نبيل اسماعيل).
ساعة مقابل السرايا الحكومية في بيروت (نبيل اسماعيل).
A+ A-
الدكتورة جوديت التيني
 
قرار رئيس مجلس الوزراء بتأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي تاريخ 23/3/2023 معيوب، والعيب الذي يشوبه لا يزول بمجرّد اقتران القرار بموافقة أو تأييد مجلس الوزراء في ما لو عقد مجلس الوزراء جلسة ووافق فيها على القرار المذكور.
 
بتاريخ 23/3/2023 صدر عن الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية مذكرة رقم 38/م أعلنت "تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي"، وجاء فيها أنّه "استناداً إلى الموافقة الاستثنائية الصادرة عن السيد رئيس مجلس الوزراء بتعديل قرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 20/8/1998 المتعلّق بتقديم التوقيت المحلي ساعة واحدة خلال فصل الصيف، يُعلن أمين عام مجلس الوزراء عن تأجيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 5 المتعلّق بتقديم التوقيت المحلي، بحيث يتم تقديم الساعة ساعة واحدة اعتباراً من منتصف ليل 20-21 نيسان 2023".
 
يتبيّن من هذه المذكرة أنّ رئيس مجلس الوزراء قد عدّل منفرداً قراراً صادراً عن مجلس الوزراء ومرعيّ الإجراء. وبصرف النظر عن الأسباب الواقعيّة التي دعت إلى تعديل التوقيت الصيفيّ لهذا العام، فإنّ المذكرة المشار إليها، والموافقة الاستثنائية لرئيس مجلس الوزراء، تفتقر إلى السند القانوني، لأنّه لا يجوز في منطق القانون لرئيس مجلس الوزراء أن يعدّل أو يلغي قراراً صادراً عن مجلس الوزراء.
 
منذ تعديل الدستور بموجب القانون الدستوري رقم 18 تاريخ 21/9/1990 (تعديل الطائف)، وسنداً إلى المادتين 17 و65 من الدستور، أُنيطت السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء (ليس برئيس مجلس الوزراء) بدلاً من رئيس الجمهورية، الذي كان يمارسها وفقاً للمادة 51 قبل تعديلها، وبات مجلس الوزراء يتولّى الصلاحيات التنظيمية والإدارية وفقاً لأحكام الدستور. أمّا رئيس مجلس الوزراء، فبعد أن كان الدستور قبل التعديل الذي طاله خالياً من أيّ ذكر لأية صلاحية له، وكان يُدعى "رئيساً للوزراء" بموجب المادة 53 قبل تعديلها، بات بموجب التعديل رئيساً للحكومة، وأُفردت له صلاحيات خاصة به في المادة 64 من الدستور، وبات رئيساً لمجلس الوزراء وليس رئيساً تسلسلياً للوزراء، وينفّذ السياسة العامة التي يضعها مجلس الوزراء والمقرّرات الصادرة عنه.
 
يقضي مبدأ الشرعية بأن يكون القرار صادراً عن المرجع المختصّ، وإلا كان مشوباً بعيب عدم الصلاحية، ويخالف بذلك مبدأ الشرعية. وهذه قاعدة من الانتظام العام. لا وجود لنصّ قانونيّ يحدّد المرجع المختص في قرار تحديد التوقيت المحلي. وهذا القرار من المسائل التي لها صفة تنظيمية، وتتعلّق بالتالي بصلاحيات السلطة التنفيذيّة، وقد صدر عن مجلس الوزراء القرار رقم 5 تاريخ 20/8/1998. وتبعاً لهذه الصفة التنظيمية ولصدور القرار عن مجلس الوزراء، فلا يعود سوى لمجلس الوزراء، وبقرار منه، أن يعدّل أو يلغي القرار 5 تاريخ 20/8/1998. أمّا قيام رئيس مجلس الوزراء بتعديل هذا القرار بصورة منفردة فهو من قبيل الاعتداء على صلاحيات مجلس الوزراء. أما حق مجلس الوزراء في تعديل أو الغاء القرار الصادر عنه، ولأن له طبيعة تنظيميّة، فهو حق مكرّس له وغير قابل للنقاش، ويمكن أن يتمّ في أيّ وقت ولا يعود لأحد أن يتذرّع بحق مكتسب في الإبقاء على القرار القديم.
 
إنّ القرار الصادر عن رئيس مجلس الوزراء بتعديل التوقيت الصيفي معيوب، والعيب الذي يشوبه لا يزول بمجرّد اقتران القرار بموافقة أو تأييد مجلس الوزراء في ما لو عقد مجلس الوزراء جلسة ووافق فيها على القرار، ولو أنه صاحب الصلاحية أصلاً. ولو افترضنا أنّ مجلس الوزراء يرغب في تعديل التوقيت الصيفي لهذا العام فلا بدّ له من أن يتّخذ قراراً جديداً مكان القرار القائم رقم 5 تاريخ 20/8/1998 في جلسة يعقدها ويصوّت فيها عليه.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم