الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

الخليج رمى بأوراقه على طاولة بايدن

حمزة عليان
حمزة عليان
الرئيس المنتخب جو بايدن (أ ف ب).
الرئيس المنتخب جو بايدن (أ ف ب).
A+ A-
لم تنتظر دول الخليج حتى يدخل جو بايدن البيت البيض في 20 كانون الثاني (يناير) من السنة المقبلة، بل استدركت المخاوف التي قد تخرج من تحت يدي الرئيس القادم بكيفية التعامل بالملف الإيراني وربطه بأمن ومصالح الخليج.
 
الخطاب السياسي كان واضحاً، وعلى الطريقة العربية، وكالمثل القائل "لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين"، لن نترك الكرة تتدحرج نحونا هذه المرة، بعد أن عانينا من "رخاوة" عهد أوباما بعقد الصفقات السياسية وتقديم التنازلات لإيران، ما جعل طهران تتمادى وتتمدد في الإقليم، سواء في حرب اليمن أو في العراق، وحتى في البحرين، وعلى حساب الاستقرار في المنطقة؛ والخوف الدائم من ارتكاب حماقات والتدخل بالشؤون الداخلية للدول الخليجية.
 
ارتفعت الأصوات السياسية عالياً هذه المرة من أهل الخليج، سياسيين كانوا أو قادة، أو من النخبة التي تعكس التوجه العام للحكام والأنظمة. وربما كان الديبلوماسي الكويتي الأسبق، السفير فيصل الغيص، أقرب إلى توصيف الواقع وتحديد ما هو مطلوب من دول الخليج، "أن تعدّ نفسها للمرحلة المقبلة وتأخذ عملية إعادة التفاوض لا أن نجلس وننتظر أن ينسانا الغرب، ويسقطنا من حساباته من جديد".
 
وعلى وقع ساعة جون بايدن والتي اقتربت من الوصول إلى خط البداية، رأى الكاتب الكويتي بدر خالد البحر، في "القبس"، أن الحاجة لإنشاء "كونفيدرالية خليجية" هي الأهم لمواجهة مخططات الدول العظمى في الخليج، والتي تعقد صفقاتها من غير أن تكيل لنا أي وزن؛ فمن وجهة النظر هذه، سيكون لدول مجلس التعاون صندوق بريدي واحد ومفاوض واحد، وسيعطي الأقل الذي يشد انتباه الدول العظمى وكما تفعل إيران! 
 
بالطبع صورة "مجلس التعاون" لم تعد كما يتمناها البعض، وهذا البيت الخليجي يئن من الخلافات والانقسامات عدا عن التغيير. في هذا الشأن، بدت الصورة أوضح في خطاب وزير خارجية البحرين عبداللطيف الزياني، والقادم من تل أبيب بقوله: "إن أي اتفاق مع إيران ينبغي ألا يتعامل مع البرنامج النووي فقط، لكن مع سلوكها الإقليمي وبرنامجها للصواريخ البالستية". لكنه، أي الزياني، يتمنى أن تتم "استشارتنا إذا سعت واشنطن إلى اتفاق جديد مع إيران". 
 
الخليج اليوم لم يعد كما كان قبل أربع سنوات، فهناك تحالف جديد دخلت فيه إسرائيل بعمق وبقوة، بحيث باتت الجبهة الخليجية مدعومة من تل أبيب، وبالتالي، لن يكون بإمكان إدارة بايدن تجاهلها أو التقليل من أهميتها. 
 
تركي الفيصل من جهته، وبما يمثله، يصبّ في هذا الاتجاه لا سيما تحذيره لجو بايدن من تكرار أخطاء الماضي مع إيران، وحضّه على عدم العودة إلى الاتفاق النووي القديم بل التفاوض على اتفاق يأخذ بالاعتبار المخاوف المشروعة لحلفاء أميركا في المنطقة. 
 
كان واضحاً تحديد السقف السياسي، وبمعنى أصح، رسم خارطة الطريق والتي ستكون سالكة إذا اتبعت إدارة بايدن الخطوات التي تتماثل بينها وبين حلفائها. 
انطلقت الدعوات من أرضية ما انتهت إليه العلاقات والمواقف في عهد ترامب، وهذا سيتم البناء عليه، فلا عودة إلى الوراء، بل نحن شركاء فعليون لن يكون مقبولاً أن تعزلونا عن أي مفاوضات جديدة قد ترونها مناسبة لمصالحكم؛ دعونا نتفاهم ونتحاور أولاً، وضعوا هواجسنا بالحسبان، إذا كانت لديكم مصالح فنحن لا نعترض عليها إنما نشترط ألا تكون على حسابنا، أو أن تسيروا على خطى إدارة أوباما، فقد تعلمنا الدرس ودفعنا الثمن. 
 
قد لا تبدو الأمور واضحة بما فيه الكفاية، خاصة لجهة اعتماد "خطة العمل الشاملة المشتركة" والقيود التي تفرضها على الأنشطة النووية الإيرانية. وفي ضوء التقرير الأخير لـ "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، والذي يُظهر أن برنامج طهران النووي يمضي قدماً، فالذي استجد على الساحة الخليجية أثّر بالموازين القديمة غير المنسجمة إثر الحصار الذي استبعد قطر من المعادلة عام 2017 وما تبعه من تطورات واتجاهات مختلفة.
 
 
*إعلامي وباحث لبناني مقيم في الكويت 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم