الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

نزعة الـ"أنا" اللبنانية

المصدر: "النهار"
متظاهرة خلال وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت (تصوير مارك فياض).
متظاهرة خلال وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت (تصوير مارك فياض).
A+ A-
ناديا الكتبي- لندن
 
من المفترض أن نكون فخورين بالوطن ومعتزّين بهويّتنا اللبنانية، وأن يكون اسم لبنان وسام العزّة والشرف على صدورنا. لكن – للأسف - تحوّلت العزّة والفخر عند البعض إلى غرور وأنانيّة حتى نسي الكثير من الشعب اللبناني أن يقول (نحن اللبنانيين) وصار يقول (أنا)، فحلّت اللعنة على الشعب أجمع منذ زمن طويل؛ وكلّما عمّ بلاء على البلد، وكان رسالة ربانية ليتّعظ اللبناني ويرجع لعقله السوي نراه يتجبّر ويتغطرس أكثر، بل يُحاول أن يُلملم ويجمع أيّ خير لنفسه وبيته متناسياً أن لديه أخوة من الأم - الوطن.
 
على سبيل المثال، ومنذ القدم، يفتقد الشعب اللبناني المياه؛ ليس لأن جغرافيا لبنان صحراوية - لا سمح الله - إنّما لأن المسؤولين لم يفكّروا يوماً في الاستفادة من ثروات الطبيعة من أنهار وينابيع وبحيرات. فأهمّ ما في الموضوع أن المسؤول اللبناني يتوافر لديه الماء في بيته، أمّا المواطن العادي فليس ضرورياً أن يستخدم الماء أو أن يشربه. لكن المشكلة ليست فقط في المسؤولين! فلننظر إلى الأحياء السكنيّة أجمعها، فنلاحظ أنّ أحداً من السكّان يتمتّع بالماء، وينعم به، بينما جاره محروم من ذلك.
 
وعلى فكرة، هذا مثال فقط إنما ينطبق على الكهرباء وغير ذلك من أمور المعيشة.
 
إنّ الأنانيّة البحتة تغلغلت في نفوس البعض من الشعب اللبناني كالسوسة منذ الحرب، ونخرت أرواحهم الطيّبة إلى أن صار كلامهم وتصرّفاتهم كلّها غير مسؤولة بل تعبّر عن الاكتفاء الذاتي. فهناك مَن يتفاخر أمام جاره وأخيه أو أقاربه أن ابنه أو ابنته في أفضل المدارس الخاصّة وأنه بعثهم لأرقى الجامعات في الخارج ليتعلّموا في حين أن جاره المسكين أو مَن يتحدّث إليه لا يقوى على تكاليف أبسط مدرسة في الحيّ. فهل نسمّي هذا تفاخراً أم أنانيّة؟ بالطبع إنه أبشع أنواع الأنانيّة والتجرّد من الإنسانيّة، في حين أن الإنسان لا يعيش لوحده بل يتشارك مع أبناء وطنه تحت سماء وأرض واحدة.
على كلّ واحد منّا أن يقدّم ولاءه لوطنه، وأن يتحدّث باسم وطنه، فهذا واجب عليه! فنحن من الوطن وإليه نعود.
 
فلو كنّا جميعاً نعمل بحبٍّ للوطن، ونضحّي من أجل الوطن، لتجمّع الأفرقاء وتوحّدت الأيادي، لكن - للأسف - كلّ يغنّي على ليلاه، وكلّ واحد يقول (أنا)، ويريد أن يفيد الـ(أنا) بغضّ النظر عن الوطن الأمّ والمواطنين الذين معه وينتمون للوطن - الأم.
 
هذه الأم التي تجمع كل أبنائها على اختلاف أشكالهم وأديانهم وأفكارهم. إنها تحتضنهم كلّهم في آن واحد من دون تمييز أو تفرقة.
 
أين نحن من حب الوطن؟!
 
وهل ستبقى نزعة الـ(أنا) لعنة علينا؟
 
ألم نعِ بعد أن الأنانية قد دمّرت كلّ ما هو جميل فينا؟
 
ألم نصحُ بعد أن اللعنة ستجعلنا يتامى إلى الأبد؟
 
لعنة لن تزول إلا بانتزاع الأنا وتمجيد الوطن.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم