عندما بشَرنا فخامته بـ"جهنّم" ونسي عذاب القبر!

إنّها الرابعة من فجر اليوم، عتمة ونوبات هلع وقلق وضجر حرّكت مخيّلتي الكسولة. المكيّف يسرح بي، وأنا أحدّق به، ما رأيك؟ هل فخامته يعدّ مثلنا ساعات النوم التي سيحظى بها لأنّه يعلم أن صاحب الاشتراك سيطفئ مولّده أم تراه الآن يتشاجر مع السيدة الأولى بسبب الحرّ الشديد؟ أو هل يا ترى ستنفد بطاريّة هاتفه من دون أن يستطيع شحنها، ويوصي المدام بغسل الطقم وكويه على "الدولة" للتخفيف من المصروف؟ 

حتماً، لا جواب. أخرج قليلاً إلى الشرفة، جاري بالـ"البروتيل" يتّكئ على حافة الرصيف، يشرب قهوته ودخانه... ويسعل بقوة: "ما مدوّر... اختنقنا... ما تواخذينا يا عمّو". أهزّ رأسي وأعود إلى فراشي: "إن شاء الله ما تزيد ساعات التقنين، الزلمي إذا ما مات من الشوب حيموت من كترة الدخان".

لا داعي للشرح. الكهرباء مقطوعة، وبشكل متواصل، لكن ضميرياً لا يخلو من بعض "الدلال" لساعة أو ساعتين فيمتدّ الأمس إلى اليوم فالغد، وكأنّ لا جديد سيأتي.

"البلد المطفّي" ضرب "فيوزات" أمّي. هي التي اعتادت ألا تفتح الستائر الخارجية في منزلنا الكائن في برج البراجنة، أصبحت كلّما أخذ فخامة مولّد الكهرباء استراحته تشرّع تلك الستائر على مداها: "معليش لازم العالم تغضّ النظر".

أعرف تماماً أنّ المشكلة ليست في جارنا أبو أحمد، الذي بدوره يهرب من الحرّ إلى تلك الأمتار الضيّقة على شرفة منزله، ولا في غلاف كتاب الطبخ للشيف رمزي الذي تنهنه بيد أمّي ولم يعد بدوره يحتمل، إذ كلاهما ينتظران عودة المحارب من استراحته. المشكلة أنّ الحياة باتت تشبه تلك التي تقدّمها أفلام نهاية العالم.

إلى جميع ركّاب الطائرة، النار تلتهم كلّ شيء. الرجاء ربط الأحزمة... وصلنا!